قرار رقم 1\2001



قرار رقم 1\2001

تاريخ 10\5\2001

طلب ابطال الفقرة (ثالثًا) من المادة الاولى من القانون رقم 295\2001

تاريخ 3\4\2001: دمج وإلغاء وانشاء وزارات ومجالس

المواد المسند اليها القرار

 

المادة 65 من الدستور (السلطة الاجرائية)

 

رقم المراجعة: 1\2001

المستدعون النواب السادة: حسين الحسيني، عمر كرامي، بطرس حرب، نقولا فتوش، الياس سكاف، مصطفى سعد، جورج قصارجي، منصور البون، فارس سعيد، صلاح حنين.

القانون المطلوب ابطاله: الفقرة (ثالثا) من المادة الاولى من القانون رقم 295\2001 تاريخ 3\4\2001 والمنشور في الجريدة الرسمية بعددها رقم 15 تاريخ 5\4\2001.

          إن المجلس الدستوري،

          الملتئم في مقره بتاريخ 10\5\2001 برئاسة رئيسه امين نصار وحضور نائب الرئيس مصطفى العوجي والاعضاء حسين حمدان، فوزي ابو مراد، سليم جريضاتي، سامي يونس، عفيف المقدم، مصطفى منصور، كبرِيال سرياني، اميل بجاني.

          وعملا بالمادة 19 من الدستور،

          وبعد الاطلاع على استدعاء الطعن وتقرير العضو المقرر،

          بما انه تبين ان السادة النواب المستدعين تقدموا بمراجعة سجلت في قلم المجلس الدستوري بتاريخ 12 نيسان 2001 برقم 1\2001 ترمي الى تعليق ثم ابطال الفقرة (ثالثا) من المادة الاولى من القانون رقم 295 تاريخ 3\4\2001، المنشور في الجريدة الرسمية بعددها رقم 15 تاريخ 5\4\2001.

          وبما ان الاسباب المدلى بها تأخذ على الفقرة (ثالثا) المطلوب تعليقها وابطالها انها اجازت للحكومة بموجب مراسيم تتخذ في مجلس الوزراء، اعادة النظر بالمراسيم التنظيمية والنصوص التطبيقية المتعلقة بمجلس الانماء والاعمار وفاقا للمادة 14 من المرسوم الاشتراعي رقم 5 تاريخ 31\1\1977، وان صلاحيات كهذه تتعارض مع الفقرة (هاء) من مقدمة الدستور اللتين تنصان ان النظام قائم على مبدأ فصل السلطات، وتتعارض تاليا مع المادة 16 من الدستور التي تعتبر ان مجلس النواب يتمتع باختصاص شامل على صعيد التشريع (هذا من حيث الاختصاص) ومع المادة 88 من الدستور (من حيث الانفاق من مال الخزانة)، علما بأن القانون الدستوري رقم 18 تاريخ 21\9\1990 بتعديله المادة 58 من الدستور، قد عالج الحالة الشاذة التي كانت قائمة قبل ذلك التعديل ونص على الغاء كل الاحكام الاشتراعية المخالفة، فهم يطلبون تعليق مفعول الفقرة (ثالثا) المذكورة ومن ثم ابطالها لعدم دستوريتها.

بناء عليه،

في الشكل:

          بما ان القانون المطعون في الفقرة (ثالثا) من المادة الاولى منه صدر بتاريخ 3\4\2001 ونشر في العدد 15 من الجريدة الرسمية الصادر بتاريخ 5\4\2001،

          وبما ان استدعاء الطعن قدم في 12\4\2001 ويحمل تواقيع عشرة نواب،

          وبما ان الطعن يكون واردا ضمن المهلة القانونية مستوفيا شروطه الشكلية عملا بالمادة 19 من الدستور معطوفة على المادة 19 من القانون رقم 250\1993 المعدل بالقانون رقم 150\1999 وبالمادة 31 من القانون رقم 243\2000،

          فهو مقبول شكلا.

في الاساس:

          بما ان اسباب الطعن تتلخص بأن الفقرة (ثالثا) من المادة الاولى من القانون 295\2001 التي تعطف على المادة 14 من المرسوم الاشتراعي رقم 5 تاريخ 31\1\1977 المتعلق بانشاء مجلس الانماء والاعمار قد اعطت السلطة الاجرائية اي الحكومة حق التشريع في شأن هو من اختصاص السلطة التشريعية اي مجلس النواب.

          وبما ان للجواب عن هذا السؤال، لا بد من التطرق الى مطلبين:

          الف) هل ان الدستور اللبناني في ضوء تعديلاته ولا سيما بموجب القانون الدستوري الاخير رقم 18 تاريخ 21\9\1990، يعدد او يسمي المواضيع التي هي من اختصاصات السلطة التشريعية والمواضيع التي هي من اختصاصات السلطة الاجرائية؟ وما هو الحل عند سكوته في تينك الحالتين؟

          باء) هل صحيح، في ضوء الجواب عن المطلب السابق اعلاه، ان الصلاحيات الملحوظة في الفقرة (ثالثا) من المادة الاولى من القانون رقم 295\2001 هي صلاحيات تشريعية محفوظة للسلطة التشريعية وحدها، وان الفقرة (ثالثا) هي باطلة بما انها – كما يقول المستدعون- قد اعطت الحكومة حق التشريع في شأن هو حصرا من صلاحيات مجلس النواب؟

          وبما انه يقتضي بحث هذين المطلبين تباعا.

          الف) بما انه من استعراض احكام الدستور في ضوء تعديلاته كافة ولا سيما بموجب القانون الدستوري رقم 18 تاريخ 21\9\1990، يتبين انه اشار في طائفة مواده الى مواضيع مختلفة تعتبر- كما درج القول- محجوزة للقانون، ولم يتضمن نصا خصوصيا يسمي المؤسسات العامة لا في مرحلة انشائها وتأسيسها ولا في مرحلة ما تكون قد انشئت ويقتضي تنظيم ادارتها وتسيير اعمالها.

          وبما انه كذلك بالنسبة الى السلطة الاجرائية المناطة بموجب المادة 65 من الدستور بمجلس الوزراء، يتبين ان لا ذكر فيها للمؤسسات العامة تحديدا انما فقط مبدأ عام يخص مجلس الوزراء، من جملة ما يخصه به، بحق وضع مشاريع القوانين والمراسيم التنظيمية واتخاذ القرارات اللازمة لتطبيقها.

          وبما انه بغياب نص دستوري يسمي الاشياء بأسمائها لا بد من الرجوع الى المبادئ الدستورية العامة ترسيما لاختصاصات كل من السلطتين الاشتراعية والتنظيمية في حقل انشاء ثم تنظيم المؤسسات العامة.

          بما ان من الواضح ان مجلس النواب يتمتع بصلاحيات شاملة على صعيد التشريع ليس فقط بالنسبة الى المواضيع التي عددها الدستور في مواده وجعلها حكرا لمجلس النواب ومحجوزة لاختصاصاته الواسعة كمشرع، بل في اي موضوع يريد مجلس النواب ان يشرعه بقانون يصدر عنه، اذا شاء واراد. وان صلاحياته هذه تشمل من جملة ما تشمله حتى الشؤون التنظيمية والتطبيقية، ما لم يترك الى السلطة الاجرائية امر اتخاذها.

          وبما انه بمقدار ما يسن الدستور والمبادئ ذات القيمة الدستورية قواعد اساسية "normes essentielles" تتعلق بالمواطنين وبالشؤون العامة، بمقدار ما يكون الموضوع خاضعا هو ايضا لتلك المبادئ والقواعد. وبتعبير آخر، بمقدار ما يتصل ذلك الموضوع بالحريات الفردية، او ما يؤدي انشاء مرفق عام الى الحد من تلك الحريات تلبية لحاجات المجتمع، او ما يعتمد عند انشائه وتأسيسه من اساليب السلطة العامة وما تتطلب عملية التأسيس من نفقات من الخزانة العامة، بمقدار ما يكون اختصاص مجلس النواب محفوظا له بتفرد وامتياز.

          وبما انه لا يرد على ما تقدم بأن ثمة مؤسسات عامة قد انشئت سابقا بموجب مراسيم او بطريقة المادة 58 من الدستور قبل تعديلها، ذلك لان هذا الامر اذا كان صدف حصوله في السابق واصبح محصنا ربما من حيث دستوريته، لكنه لم يعد جائزا بعد صدور القانون الدستوري رقم 18 تاريخ 21\9\1990 الذي لم تعد احكامه تأتلف مع ما كان حاصلا سابقا، علما بأن للتشريعات الدستورية مفعولا آنيا تطبق وتنفذ فور صدورها.

          وبما انه اذا كانت القاعدة هي حجز الاختصاص لمجلس النواب عندما يمس الموضوع قواعد اساسية تتعلق بانشاء وتأسيس المؤسسات العامة، فهل ان هذه القاعدة تنبسط على الصلاحيات المعطاة الى مجلس الوزراء بموجب الفقرة (ثالثا) السالفة الذكر، وهو ما يأتي الجواب عنه تاليا.

          ج) بما ان الصلاحيات المعطاة الى السلطة الاجرائية منصوص عليها في المادة 65 من الدستور، وان من تلك الصلاحيات وضع السياسة العامة للدولة في جميع الحالات ووضع مشاريع القوانين والمراسيم التنظيمية واتخاذ القرارات اللازمة لتطبيقها والسهر على تنفيذ القوانين والانظمة والاشراف على اعمال كل اجهزة الدولة من ادارات ومؤسسات مدنية وعسكرية وامنية بلا استثناء.

          بما انه لتحديد طبيعة الصلاحيات الملحوظة في الفقرة (ثالثا) من المادة الاولى من القانون رقم 295\2001 ولمعرفة ما اذا كانت صلاحيات تشريعية ام صلاحيات تنظيمية، يقتضي العودة الى المادة 14 من المرسوم الاشتراعي رقم 5\1977 المتعلق بانشاء مجلس الانماء والاعمار ووضع المادة 14 المذكورة في اطار المواد الاخرى التي اندرجت معها فيه، علما بأن تنفيذ القانون رقم 247 تاريخ 7\8\2000 (الفصل الثاني: المجالس) كان معلقا على شرط تعيين الاجهزة الملحوظة فيه بمهلة اقصاها ستة اشهر الامر الذي لم يحصل.

          وبما انه من العودة الى المادة 14 من المرسوم الاشتراعي رقم 5\1977 وقراءتها في الاطار الذي اندرجت فيه- واذ ينبغي تفسير مواده بعضها ببعض بما يؤمن الانسجام فيما بينها- يتبين ان المرسوم الاشتراعي رقم 5 السالف الذكر قد تضمن اضافة الى المادة 14 مادتين اخريين تتبعانها هما المادة 15 والمادة 16 تعطفان صراحة على المادة 14، ونص هذه المواد جميعا هو التالي:

المادة 14: (بعد الغاء المرسوم الاشتراعي رقم 16 تاريخ 25\3\1983 بالمرسوم الاشتراعي رقم 13 تاريخ 23\3\1985):

- تحدد بمراسيم تتخذ في مجلس الوزراء:

1- انظمة مجلس الانماء والاعمار (النظام الدخلي- النظام المالي وسائر الانظمة الاخرى) ومهام وصلاحيات مجلس الادارة ومكتب المجلس ومخصصات الاعضاء المتفرغين وغير المتفرغين.

2- انظمة وملاكات وسلم رتب ورواتب وتعويضات المستخدمين وسائر الاجراء والمتعاقدين في مجلس الانماء والاعمار وشروط استخدامهم او تعاقدهم.

3- تسوية الاوضاع الوظيفية لجميع موظفي وزارة التصميم العام الملغاة، بعد موافقة مجلس الخدمة المدنية.

المادة 15: مع مراعاة احكام المادة الرابعة عشر السابقة تحدد قواعد وانظمة تسيير اعمال مجلس الانماء والاعمار بقرارات تصدر عن مجلس ادارته.

المادة 16: تخضع اعمال مجلس الانماء والاعمار لاحكام هذا المرسوم الاشتراعي ولاحكام الانظمة الملحوظة في المادتين الرابعة عشرة والخامسة عشرة السابقتين، دون سواها.

          وبما انه يستفاد من نص المادة 16 انها قررت صراحة ابقاء واستمرار احكام المرسوم الاشتراعي رقم 5\1977 بمعنى انها لم تتضمن اي تغيير للقواعد الاساسية التي رعت انشاء مجلس الانماء والاعمار. كما يستفاد من نص المادة 14 ونص المادة 15 انهما تتعلقان بأنظمته الادارية وبتسيير اعماله كالنظام الداخلي والنظام المالي ومهام مجلس الادارة ونظام الموظفين وشروط استخدامهم وتسوية اوضاعهم، وكلها شؤون تنظيمية وتنفيذية لقانون انشاء مجلس الانماء والاعمار، الخاضع في اي حال وبحسب القانون نفسه لوصاية مجلس الوزراء، مما يعني ان ما نصت عليه المادة 14 معطوفة على المادتين 15 و16 انما يتعلق بشؤون تنظيمية وتطبيقية كان من حق مجلس النواب ان يتركها لمجلس الوزراء الذي يعود اليه بموجب المادة 65 من الدستور اتخاذ المراسيم التنظيمية والتطبيقية والقرارات اللازمة بشأنها.

          وبما ان الفقرة (ثالثا) من المادة الاولى من القانون رقم 295\2001 والمحدد نطاق تطبيقها بالمواد 14 و15 و16 من المرسوم الاشتراعي رقم 5\1977 انما هي تندرج في اطار صلاحيات مجلس الوزراء التنظيمية الملحوظة في المادة 65 من الدستور فلا تعتبر مخالفة للمادة 16 او للمادة 88 منه او لقواعد ذات قيمة دستورية.

          وبما ان التفويض الى مجلس الوزراء لاتخاذ المراسيم التنظيمية والتطبيقية لبعض القوانين التي يسنها مجلس النواب انما هو نهج دارج في التشريع يقوم على عدم اثقال عمل السلطة التشريعية بأمور تفصيلية لا تتلاءم مع الاصول التي ترعى سير اعمالها، وما يتلاقى ربما مع قول مأثور ان القانون يسيء التدبير عندما يفرط في تدبيره.

لهذه الأسباب

وبعد المداولة،

يقرر المجلس الدستوري:

اولا: في الشكل:

قبول المراجعة شكلا.

ثانيا: في الاساس:

رد المراجعة لعدم مخالفة الفقرة (ثالثا) من المادة الاولى من القانون رقم 295 تاريخ 3\4\2001 للدستور او لقاعدة ذات قيمة دستورية.

ثالثا: ابلاغ هذا القرار الى المراجع المختصة ونشره في الجريدة الرسمية.

قرارا صادر في العاشر من شهر ايار 2001.