قرار رقم 21\2009



قرار رقم 21\2009

تاريخ 25\11\2009

عدنان عرقجي \ نهاد المشنوق

المقعد السني في بيروت - الدائرة الثانية، انتخابات 2009

 

رقم المراجعة: 3\2009

المستدعي: السيد عدنان أحمد عرقجي، المرشح الخاسر عن المقعد السني في بيروت - الدائرة الثانية في الانتخابات النيابية العامة التي جرت في 7\6\2009،

المستدعى ضده: السيد نهاد المشنوق المعلن فوزه عن هذا المقعد،

الموضوع: الطعن في صحة نيابة المستدعى ضده،

إن المجلس الدستوري

الملتئم في مقره بتاريخ 25\11\2009 برئاسة رئيسه السيّد عصام سليمان وحضـور نائب الرئيس السيّد طارق زيـاده والسـاده الأعضاء أحمد تقي الديـن، انطوان مسـرّه، انطوان خيـر، زغلول عطيـه، توفيق سـوبره، أسـعد  دياب، سهيل عبد الصّمد وصلاح مخيبر.

وبعد الاطلاع على ملف المراجعة وتقرير العضوين المقررَين والتحقيق المجرى من قبلهما،

وبما ان المستدعي السيد عدنان أحمد عرقجي، المرشح الخاسر عن المقعد السني في بيروت، الدائرة الثانية في الانتخابات النيابية العامة التي جرت في 7\6\2009، قد تقدم بمراجعة سُجّلت في قلم المجلس بتاريخ 6\7\2009 يطعن بموجبها في صحة نيابة السيد نهاد المشنوق المعلن فوزه عن المقعد المذكور في الانتخابات النيابية المشار اليها، طالباً قبول مراجعته شكلاً، وفي الأساس، اعلان عدم صحة نيابة المستدعى ضده وابطال نيابته وبالتالي ابطال الانتخاب في دائرة بيروت الثانية واعادة اجرائه، وقد أدلى بما يلي:

أجريت الانتخابات النيابية بتاريخ 7\6\2009 في يوم واحد وفقاً للقانون الجديد لعام 2008 الذي اقرت مبادؤه في مؤتمر الدوحة المنعقد بحضور عدد من القيادات اللبنانية وتم تغييب جزء هام من قيادات اخرى لها تمثيلها وحضورها لغايات مخالفة للدستور، وقد تقدم بترشيحه في هذه الانتخابات عن المقعد السني في الدائرة الثانية لمدينة بيروت وفقاً للأصول وكان قد سبق له وترشّح في العام 2005 عن المقعد ذاته وخاض الانتخابات وحصل على عدد لا يستهان به من أصوات الناخبين رغم الفرز الطائفي والمذهبي والسياسي الذي ساد في حينه،

وعندما تأكد لخصومه مدى قوته وتيقنوا من انه سوف يعاود الترشح مجدداً بعد اربع سنوات بدأوا يخططون لمحاربته لإقصائه عن حقه الدستوري في بلوغ المجلس النيابي، وقد تجلى هذا المخطط في المخالفات الآتية:

أ‌-عمليات نقل النفوس،

التي تمت بصورة غير قانونية وشملت عدداً من العائلات من مناطق لبنانية مختلفة خارج مدينة بيروت الى الدائرة الثانية لهذه المدينة ومن الدائرة الثالثة الى الدائرة الثانية فيها وذلك في الأعوام 2005 و 2006 و 2007، الأمر المؤكد في كتاب معالي وزير الداخلية رقم 989 تاريخ 14\5\2009 جواباً على استدعائه تاريخ 11\5\2009.

ب‌-مقررات مؤتمر الدوحة،

المكرس لاتفاق المشاركين فيه، أي طرفي النزاع، على تقاسم مقاعد هذه الدائرة البالغة اربعة مقاعد مما يخالف احكام الدستور ومبادئ الديمقراطية وينمّ عن عدم احترام حرية الناخب ونزاهة الانتخاب،

ج- الضغوطات التي مورست عليه من عدد من القوى والقيادات السياسية المحلية والاقليمية، وحتى من الحلفاء، ما ادى الى تدنّي نسبة الاقتراع الى 29 في المئة في الدائرة الثانية،

د- عدم نيله حقه من الاعلام الذي ظل يبرز المرشح المطعون ضده دون ان يتساوى معه في حقه الظهور في الاعلامي،

ه- الإنفاق الإنتخابي،

فقد تجاوز المطعون ضده سقف هذا الإنفاق المحدد في قانون الانتخاب بماية وخمسين مليون ليرة لبنانية اضافةً الى أربعة آلاف ليرة لبنانية عن كل ناخب، وذلك باستقدام الناخبين من الخارج وتسديد نفقات سفرهم واقامتهم واغراء الناخبين بالمال للتأثير على حرية الإقتراع لديهم،

و- الأخطاء الواردة في لوائح الشطب، مقصودة أو غير مقصودة، والتي يترك تقديرها واكتشافها لهذا المجلس، والمتمثلة في ورود عدد لا يستهان به من اسماء ناخبين في اللوائح، منهم من هو معروف بانتمائه له ومنهم من لا ينتمي لأحد من الطرفين، وعدم ورود أسماء أفراد عائلاتهم،

وبما ان المستدعى ضده السيد نهاد المشنوق تبلّغ استدعاء الطعن بتاريخ 13\7\2009 وتقدّم بلائحة ملاحظات في 27\7\2009 أدلى فيها بأن الاستدعاء مستوجب الرد لافتقاره الى الدليل واكتفائه بالعموميات ولعدم الدقة، وان المرجع الصالح للنظر في طلبات تصحيح القوائم الانتخابية هي لجان القيد ويخرج عن اختصاص القضاء الدستوري النظر في المنازعات المتعلقة بالأعمال التمهيدية ومنها القيود الواردة في القوائم الانتخابية الا اذا كانت الأخطاء والثغرات في القيود مقصودة بنتيجة أعمال تزوير أو غش من شأنها التأثير في نزاهة الانتخاب فعندها يمارس المجلس الدستوري إختصاصه وينظر في هذه الأعمال، وان المستدعي لم يطلب من لجان القيد تصحيح العيوب المدلى بها والتي شابت القوائم الانتخابية بحسب إدعائه ولم يثبت ان هذه العيوب كانت بنتيجة غش أو تزوير،

وأدلى، استطراداً، بأن الكتاب الصادر عن المديرية العامة للأحوال الشخصية، بناءً على طلب المستدعي، يدحض مزاعم هذا الأخير وان الفارق الكبير في الأصوات التي نالها كل من الفريقين يجرّد السبب المبني على مسألة نقل النفوس من أية نتيجة،

وخلص الى طلب رد الطعن شكلاً اذا تبين انه وارد خارج المهلة القانونية أو غير مستوفي شروطه الشكلية ورده أساساً لعدم ثبوت أسبابه وعدم جديتها وافتقارها الى الأساس القانوني والواقعي الصحيح،

بنـــــاءً  عليـــه

أولاً: فـي الشـكل

بما أن الإستدعاء مقدم ضمن المهلة المنصوص عليها في المادة 24 من القانون رقم 250\93 المعدّل والمادة 46 من قانون النظام الداخلي للمجلس الدستوري رقم 243\2000 وقد جاء مستوفياً سائر شروطه الشكلية فيقتضي قبوله،

ثانيـاً: فـي الأسـاس

بما ان المستدعي أدلى بعدة أسباب تؤدي في رأيه الى إبطال نيابة المطعون ضده وإعادة إجراء الانتخاب في دائرة بيروت الثانية، وتتلخص هذه الأسباب بما يلي:

عمليات نقل النفوس غير القانونية والأخطاء الواردة في القوائم الإنتخابية، تقسيم الدوائر الإنتخابية، الضغوطات، الظهور الإعلامي، الإنفاق الإنتخابي، ومخالفة نتائج مقررات الدوحة لمبادئ الدستور،

وبما أنه ينبغي بحث هذه الأسباب تباعاً،

1-في السبب المبني على عمليات نقل النفوس من دائرة انتخابية معينة الى دائرة أخرى تتصل بالقوائم الانتخابية التي لحظ قانون الانتخابات رقم 25\2008 المعدل كيفية إعدادها وطرق المراجعة في شأنها والطعن فيها وهي تعتبر من الأعمال التمهيدية للعملية الإنتخابية، كما الأخطاء الواردة في تلك القوائم وسبل تصحيحها، وقد استقرّ اجتهاد هذا المجلس على ان النظر في المنازعات المتعلقة بهذه المعاملات يخرج عن اختصاص القضاء الدستوري كقضاء انتخاب الا اذا كانت العيوب التي شابت القيود مقصودة بنتيجة الغش أو التزوير مما يؤثر في نزاهة الانتخاب وصدقيته، فعندئذٍ يمارس المجلس الدستوري اختصاصه وينظر في الأعمال المخلّة التي طالت القوائم الانتخابية تزويراً أو غشاً ويبت فيها،

وبما ان الأصل في ممارسة المجلس الدستوري لصلاحيته في التحقيق والاستقصاء بالنسبة لتلك العيوب ان يقدم من يدلي بها الدليل أو بداية الدليل على حصولها لأن عبء الاثبات يقع على عاتقه، الأمر الذي لم يفعله المستدعي بل ان أقواله المساقة في هذا الصدد بقيت مجردة من أي دليل،

وبما انه، وبمعزل عما تقدّم، يتبين من الافادة الصادرة عن المدير العام للأحوال الشخصية بناءً على طلب المستدعي نفسه والمبرزة صورتها مع استدعاء الطعن ما يلي:

ان أرقام السجلات المنفذة لمحلة الباشورة – الدائرة الثانية (مذهب سني) من عام 2005 حتى تاريخ 14\5\2009 (تاريخ اعطاء الافادة)- تبدأ من الرقم 2492 حتى 3026 وقد تضمنت 534 قيداً اضافياً،

وان أرقام السجلات الواردة في القوائم الانتخابية ويحق لأصحابها الانتخاب تبدأ من الرقم 2492 حتى 2848 ويبلغ عدد الأشخاص فيها 1569 شخصاً، عدد الناخبين فيها هو: 509 إناث و 496 ذكور والمجموع 1005 ناخبين منذ عام 2005 حتى 5\12\2007، التاريخ الواجب إعتماده عملاً بالقانون رقم 25\2008 بالنسبة لتبديل المكان،

وان أرقام السجلات لمحلة الباشورة المنفذة بعد تاريخ 5\12\2007 وتاريخ الافادة تبدأ من الرقم 2849 حتى 3026 ويبلغ عدد الأشخاص فيها 643 شخصاً ولا يحق لهم الانتخاب هذه السنة في محلة الباشورة بل ينتخبون في محلة القيد السابق لإجراء التبديل،

وان الاضافات الحاصلة على القوائم الانتخابية بفعل تبديل المكان عام 2005 لغاية عام 2009 شملت 1005 ناخبين وكل ما زاد على هذا العدد ناجم عن بلوغ السن ونقل الاناث بالزواج وما كان ساقطاً سهواً وأعيد ادراجه،

وبما انه يتبين من نتيجة الانتخابات الرسمية والمعلنة ان المطعون ضده قد نال 16583 صوتاً في حين نال الطاعن 8071 صوتاً اي بفارق 8512 صوتاً لمصلحة الأول، مما يدل ان الناخبين المضافين على اللوائح والبالغ عددهم الفاً وخمسة ناخبين لا تأثير لهم في حسم النتيجة لمصلحة المطعون ضده على افتراض اقتراعهم كلهم لمصلحته،

2-في السبب المبني على تقسيم الدوائر الانتخابية ومخالفة نتائج مؤتمر الدوحة لمبادئ الدستور،

 بما ان تقسيم الدوائر الانتخابية قد تم بموجب قانون الانتخاب رقم 25\2008 المعدل، الذي لم يُطعن فيه، وان اختصاص المجلس الدستوري في مجال الطعن في صحة انتخاب نائب ينحصر بالنظر في العيوب المدلى بكونها قد شابت العملية الانتخابية، بوجه عام، ولا يتعداه الى القانون الذي اجريت الانتخابات بموجبه، فلا محل بالتالي لما أدلى به لهذه الجهة،

وبما ان ما أدلي به لجهة تقاسم المقاعد النيابية في مؤتمر الدوحة يتعلق، على فرض حصوله، بتحالفات انتخابية خارجة عن العملية الانتخابية وتدخل في اطار العمل السياسي المكفولة حريته في الدستور ولا رقابة لهذا المجلس عليه،

3-في السبب المبني على الضغوطات.

بما ان ما ادلى الطاعن به لهذه الجهة بقي مجرداً من أي دليل وقد جاء في صيغة عامة ومبهمة ولا سيما من ناحية تأثير الضغوطات المدلى بحصولها على نسبة الاقتراع، علماً ان الطاعن نفسه يذكر في استدعائه انه لم يتأثر بها بل خاض الانتخابات بعد ان كان أصدر بياناً في هذا الصدد، مما يفقد هذا السبب جديته،

وبما ان ما أوضحه الطاعن في استجوابه من قبل المقررَين، لجهة اضطرار الناخبين للانتظار وقتاً طويلاً خارج أقلام الاقتراع قبل الادلاء بأصواتهم مما حمل الكثير منهم على المغادرة ومما جعل نسبة الاقتراع متدنية، غير مؤثر في نتيجة هذا الاقتراع لأنه يمكن ان يؤثر في مجموع الأصوات التي نالها كل من الفريقين وليس فقط في عدد الأصوات التي نالها الطاعن، فضلاً عن عدم تقديم هذا الأخير أي دليل على صحة هذا الادعاء أصلاً،

4-في السبب المبني على عدم المساواة في الظهور الاعلامي،

بما ان الطاعن يدلي بأن الاعلام ظل طوال الفترة التي سبقت العملية الانتخابية يبرز المطعون ضده في كافة وسائله دون ان يتساوى معه في حقه بهذا الظهور، الا انه لم يتقدم بأي دليل مثبت لهذا الأمر بل يتبين من أقواله في معرض استجوابه أمام المقررين انه لم يتقدم بشكوى لدى هيئة الاشراف على الحملة الانتخابية، الأمر الذي كان متاحاً له،

 وان ما برره في استجوابه من عدم جدوى مثل تلك الشكوى غير جدي ولا حرّي بالتوقف عنده، مما يحمل على القطع بعدم جدية هذا السبب،

5-في السبب المبني على تجاوز المطعون ضده سقف الإنفاق الانتخابي،

بما ان الطاعن يدلي بأن المطعون ضده قد تجاوز سقف هذا الانفاق المحدد قانوناً وذلك باستقدام الناخبين من ألمانيا والإنفاق على كلفة سفرهم واقامتهم وان مجموعات أخرى تمّ اغراؤها بالمال للتأثير على حرية الانتخاب لديها،

وبما ان أقواله مفتقرة الى الدليل وهي تتسم بالعمومية والابهام ولا تتضمن واقعة معينة تمكّن المجلس من التدقيق والتحقيق فيها تمهيداً لتقييم أثرها في حرية الناخب ونزاهة الانتخاب فضلاً انه تبين من تقرير لجنة المدققين في البيان الحسابي للمطعون ضده ان هذا الأخير لم يتخطّ سقف الإنفاق وفقاً لما قدمه من بيانات ومستندات،

وبما ان الأسباب المدلى بها مستوجبة الرد بالنظر لما تقدم مما يفضي بدوره الى وجوب رد استدعاء الطعن.

لــــــــــــــهذه  الأســــــــــــــباب

وبعـد المداولـة

يقرر المجلس الدستوري بالإجماع

أولاً: في الشكل

قبول المراجعة شكلاً لورودها ضمن المهلة مستوفية لشروطها القانونية.

ثانياً: في الأساس

رد طلب الطعن المقدّم من السيد عدنان أحمد عرقجي، المرشح المنافس الخاسر عن المقعد السني في دائرة بيروت الثانية.

ثالثاً: ابلاغ هذا القرار الى المراجع المختصة والمستدعي.

رابعاً: نشر هذا القرار في الجريدة الرسمية.

قـراراً صـدر في 25\11\2009.