قرار رقم 17\2009



قرار رقم 17\2009

تاريخ 25\11\2009

رشيد الضاهر \ هادي حبيش

المقعد الماروني في دائرة عكار، انتخابات 2009

 

رقم المراجعة: 4\2009

المستدعي: المحامي رشيد ميشال الضاهر- المرشح الخاسر عن المقعد الماروني في دائرة عكار في دورة العام 2009 – لانتخاب مجلس النواب.

المستدعى ضده: الاستاذ هادي فوزي حبيش- المعلن فوزه عن المقعد الماروني في الدائرة المذكورة.

الموضوع: الطعن في صحة نيابة المستدعى ضده.

إن المجلس الدستوري

الملتئم في مقره بتاريخ 25\11\2009 برئاسة رئيسه السيّد عصام سليمان وحضـور نائب الرئيس السيّد طارق زيـاده والسـاده الأعضاء أحمد تقي الديـن، انطوان مسـرّه، انطوان خيـر، زغلول عطيـه، توفيق سـوبره، أسـعد  دياب، سهيل عبد الصّمد و صلاح مخيبر.

بعد الاطلاع على ملف المراجعة وعلى تقرير العضوين المقررَين

بما ان المستدعي الأستاذ رشيد ميشال الضاهر تقدّم من المجلس الدستوري بتاريخ 7\7\2009 بمراجعة سجلت في القلم تحت الرقم 4\و\2009، يطلب بموجبها ابطال نيابة المستدعي ضده الأستاذ هادي حبيش، وهو يعرض في بابٍ أول في الشكل: أن الصفة والمصلحة متوافرتان لقبول مراجعته في الشكل كونه مرشحاً منافساً للمطعون بصحة نيابته وخاسراً في دائرة عكار عن المقعد الماروني لانتخابات 2009 التي جرت بتاريخ 7\6\2009 ونال أربعة وخمسين صوتاً، وان الاجتهاد يعطي الصفة القانونية لمن أتى في المرتبة الرابعة وما فوق؛ وفي الأساس، يدلي الطاعن بوجود مخالفات للدستور وللقوانين ومنها قانون الانتخاب، ويورد تلك المخالفات كالآتي:

1-مخالفة مقدمة الدستور، لجهة عدم احترام الحريات العامة وفي طليعتها حرية الرأي والمعتقد ولجهة تقسيم الدوائر الانتخابية بما يخالف مبادئ مقدمة الدستور، مطالباً باعتماد الدوائر الفردية الصغرى وتقسيم عكار الى أربع دوائر أو أكثر على غرار باقي المحافظات وإلا اعلان عدم دستورية عدم التقسيم.

2-ابقاء محافظة عكار بدون مراسيم تطبيقية وتنظيمية خلافاً لما يريده الشعب.

3-المال السياسي والانتخابي ساد العملية الانتخابية واستعمله الفريقان المتنافسان اللذان جعلا عكار محرومة ليستشري الفقر ويسهل دفع المال وتقديم المعونات العينية بحيث لم يقترع الا من قبض الرشوة التي فاقت ملايين الدولارات لشراء الذمم واستئجار السيارات وتعيين المندوبين وفتح المكاتب واحياء المهرجانات وتوزيع الصور وتأمين نفقات الدعاية في شتى وسائل الاعلام، مما افسد الانتخابات نزاهتها وديمقراطيتها.

4-الشحن الطائفي والمذهبي والفتاوى ساهمت في النتائج بعدما أثرّت في ارادة الناخبين وأدّت الى تفوق طائفة على أخرى مما يستلزم معها ابطال الانتخاب.

وينتهي الطاعن الى طلب قبول استدعائه لوروده ضمن المهلة القانونية، ولتوافر صفته ومصلحته ولإرفاقه جميع المستندات المطلوبة ولمتابعته المعركة وعدم سحب ترشيحه، ثم اعلان عدم صحة نيابة الأستاذ هادي حبيش وابطال نيابته واعادة اجراء الانتخاب لأسباب مخالفة مقدمة الدستور وقانون الانتخاب وميثاق العيش المشترك وقانون المجلس الدستوري والقوانين المرعية الاجراء، والنظر بضرورة ابطال الشق المتعلق بتقسيم الدوائر الانتخابية في قانون العام 1960 ولمخالفة المطعون بنيابته نفقات الحملة الانتخابية، واقرار تسليمه البيان الحسابي لمناقشته وتنفيذ المغالطات الواردة فيه.

وتبين ان المستدعى بوجهه تقدم من المجلس بلائحة جوابية مؤرخة في 3\8\2009 طلب بموجبها قبولها شكلاً ورد الطعن في الشكل لعدم توافر الصفة لدى الطاعن اذ لا يوجد في الاستدعاء وصل عن التصريح بالترشيح لانتخاب أعضاء مجلس النواب ولأن الطاعن لم يطلب في استدعائه ابلاغ اعتراضه الى رئيس مجلس النواب والى وزارة الداخلية، الأمر الذي يخالف نص المادة \27\ فقرتها الاولى من القانون رقم 250 تاريخ 14\7\1993، ويستتبع رد الاستدعاء شكلاً، ولأنه لم يضم الى استدعائه أياً من المستندات السبعة المذكورة فيه، كما يطلب المستدعى ضده، بصورة استطرادية، رد الطعن في الأساس لأنه تضمن اتهامات مبهمة الفهم والاتجاه ولا تتسم بالدقة والجدية وهي ذات طابع عام ومجردة من كل اثبات أو بداية اثبات وليست مدعومة بأي مستند وبعيدة عن الواقع و الحقيقة ولصعوبة فهم الاستدعاء والمطالب.

وبما ان المطعون بصحة نيابته يعتبر ان اسباب الطعن توجز بثلاثة:

الأول: مخالفة الدستور وقانون الانتخاب وميثاق العيش المشترك والقوانين المرعية الاجراء... ويعتبر مقدّم اللائحة تحت هذا السبب ان الطاعن لم ينسب له ارتكاب المخالفات ولم يحدد نوعيتها ولم يتقدّم بشكاوى بشأنها أمام المراجع المختصة وأطلق اتهامات ذات طابع عام وغير مدعومة بأدلة. ولم يثبت حصول نعرات طائفية او تأثيرها - على فرض حصولها – في نتيجة الانتخاب، على الرغم من انه كان بامكانه الرد على ما يشكو منه بحملة مضادة وكان له متسع من الوقت.

الثاني: يتعلق بطلب ابطال الشق العائد لتقسيم الدوائر الانتخابية في قانون 1960 وبمخالفة المستدعي ضده سقف الانفاق الانتخابي.

يؤكد المستدعى ضده بأن الشق الأول من هذا السبب يخرج عن اختصاص المجلس الدستوري، اما الاتهام بانفاق ملايين الدولارات فلم يتخط عتبة الاتهام الى الاثبات ولم يعزز الطاعن مزاعمه بأي اعتراض ولم يدوّن أي شكوى بوجود رشاوى ومخالفات، ومقدّم اللائحة يعتبر ان البيان الحسابي الشامل المقدم منه الى هيئة الاشراف على العملية الانتخابية هو الرد القانوني الأفضل على الادعاءات الخاطئة.

الثالث: أما السبب الثالث المتعلق بتسليم الطاعن البيان الحسابي لمناقشته، فهو ليس من أسباب الطعن، عدا عن ان البيان موجود لدى المجلس الدستوري.

وينتهي المطعون بصحة نيابته الى طلب قبول لائحته شكلاً ورد الطعن في الشكل وفي الأساس للأسباب الوارده.

ويتبين ان المقررَين استمعا الى الأستاذ هادي حبيش بتاريخ 13\8\2009 والى الطاعن بتاريخ 20\8\2009 وأجريا التحقيقات اللازمة و دققا في السجلات والقيود ومحاضر الاقتراع واطلعا على البيان الحسابي للمطعون بنيابته.

وتبين انه بتاريخ 15\9\2009، أبرز الطاعن مذكرة خارج المهلة المعطاة له لابراز المستندات المنوه عنها في استدعائه، وقد جاءت المذكرة خالية من اي مستند.

بنــــاءً  عليــــه

أولاً - فـي الشــكل

بما ان العملية الانتخابية جرت في دائرة عكار، وكل لبنان، بتاريخ 7\6\2009 وأعلنت نتائجها في اليوم التالي 8\6\2009.

وبما ان المراجعة قدمت الى المجلس الدستوري بتاريخ 7\7\2009 موقعة من الطاعن بالذات ومستوفية الشروط المفروضة في المادة \24\ من القانون الرقم 250\93 ( انشاء المجلس الدستوري، والمادة \46\ من قانون النظام الداخلي للمجلس الرقم 243\2000)، فهي مقبولة شكلاً لهذه الجهة.

ثانياً -  في الصفة والمصلحة

بما ان مقدم الطعن قد ترشح للانتخابات النيابية العامة في دائرة عكار لسنة 2009 عن المقعد الماروني، وخاض المعركة الانتخابية ونال ثلاثة وخمسين صوتاً.

وبما ان اسم الطاعن الخاسر، المرشح للانتخاب، ورد في محاضر الفرز في الأقلام ولدى لجان القيد البدائية والعليا وحصل على عدد من الأصوات، مما يؤكد صحة ترشحه ويغنيه عن ضرورة ارفاق التصريح بالترشح للانتخاب باستدعاء طعنه، بالاضافة الى ان عدم ابراز هذا المستند لا يشكل مخالفة جوهرية تمس صحة الطعن في الشكل. اما ابلاغ الاعتراض من رئيس مجلس النواب ووزارة الداخلية، فيتم، وفق المادة 27 من القانون 250\93 بالطرق الادارية من قبل قلم المجلس الدستوري ولا حاجة لطلب ذلك من الطاعن.

وبما انه من جهة ثانية، يتبين من النتائج التي أسفرت عنها الانتخابات، ان الطاعن نال ثلاثة وخمسين صوتاً وحلّ في المرتبة الثالثة بعد الأستاذ هادي حبيش الذي نال 78450 صوتاً، وبعد الأستاذ مخائيل ضاهر الذي نال 37956 صوتاً، وقد نال الأستاذ جوزف مخايل - الذي انسحب –  تسعة أصوات.

وبما ان مقدم الطعن حلّ ثالثاً في ترتيب مجموع الأصوات، في حين ان المطعون بصحة نيابته احتل المرتبة الأولى.

وبما ان المرشح الخاسر يمكنه الطعن بنتيجة الانتخاب أياً تكن مرتبته في ترتيب مجموع الأصوات التي نالها المرشحون، اذ ان المادة \24\ من قانون انشاء المجلس الدستوري تحدثت عن تقديم الطعن من المرشح الخاسر بدون تحديد مرتبته في مجموع الأصوات التي نالها كل من المرشحين في الدائرة الانتخابية.

وبما انه يقتضي تبعاً لذلك قبول الطعن لتوافر المصلحة والصفة.

ثالثاً: في الأساس:

بما ان الطاعن بنى مراجعته على ثلاثة أسباب هي:

1-      

مخالفة مقدمة الدستور وقانون الانتخاب وقانون المجلس الدستوري وميثاق العيش المشترك وقوانين أخرى.

2-      

ضرورة ابطال الشق المتعلق بتقسيم الدوائر الانتخابية في قانون سنة 1960

3-      

مخالفة أحكام المادة 68 من قانون الانتخاب الرقم 25\2008 الصادر في 8\10\2008 والمعدّل بالقانون الرقم 59 الصادر في 27\12\2008 لجهة الشحن الطائفي والمذهبي واطلاق الفتاوى الطائفية والمذهبية وشراء الذمم وخرق سقف الانفاق الانتخابي.

وبما انه من نحوٍ أول، ان طلب المستدعي وشكواه من عدم تقسيم محافظة عكار الى عدة دوائر انتخابية تسهل عليه وعلى سواه الفوز في الانتخاب، وشكواه من عدم ديمقراطية ودستورية قانون الانتخاب للعام 1960، لا يشكل سبباً ومادةً من أسباب ومواد الطعن في صحة انتخاب نائب، ولا يدخل طلبه هذا في اختصاص المجلس الدستوري كقاضي انتخاب، فضلاً عن ان القوانين المشكو من عدم دستوريتها او ديمقراطيتها أصبحت سارية ومحصنة (Loi Ecran) وان الطعن بها له أصول أخرى تختلف عن الأصول المتبعة في الطعون النيابية.

وبما انه من نحوٍ ثانٍ، ولجهة سائر ما أدلى به الطاعن، ان هذا الأخير لم يتقدم بأي اثبات او بدء بيّنة على ما ادعاه وعلى ما أثاره من عناصر واقعية ليتمكن المجلس من اجراء رقابته عليها، على الرغم من تعهده بذلك أثناء سماعه من المقررَين، فهو ذكر في طعنه انه أرفق بالطعن سبعة مستندات بينما لم يفعل، وتعهد ابرازها خلال أسبوع وعجز، ثم تقدم بتاريخ 15\9\2009 بمذكرة خالية من اي مستند.

وبما ان المستدعي قد صرّح خلال استماعه في جلسة 20\8\2009 بأن سقف الانفاق قد خرق واثباته على ذلك هو ما تناقلته وسائل الاعلام، وبأن المال السياسي استعمله الفريقان المتنافسان، وبأنه لم يتقدم بأي شكوى أو اعتراض لدى لجان القيد او هيئة الاشراف على العملية الانتخابية وأكد انه لم يذكر اقتراع المتوفين والمهاجرين واذا ورد هذا الأمر فيكون عن طريق الخطأ...

وبما انه معلوم، ومستقر فقهاً واجتهاداً ان المجلس الدستوري يفصل في النزاع بالاستناد الى أسباب طعن دقيقة واردة في المراجعة، والى مستندات ووثائق مرفقة بها والى أدلة وبينات من شأنها اضفاء المنطق والجدية والدّقة على ادعاء الطاعن.

وبما ان المستدعي اكتفى في ما يدعيه، بالعموميات دون تقديم أي دليل على ثبوت المخالفات المشكو منها، ولم يتقدم بالمستندات التي وعد بتقديمها، بحيث لا يسع المجلس الاعتداد بهذه العموميات المفتقرة الى أبسط قواعد الاثبات والتي تتسم بالتحليل الانتخابي والسياسي ليس إلا.

وبما انه من نحو ثالث، ان المبدأ الأساسي الذي يسود موقف الاجتهاد الدستوري في شأن الطعون الانتخابية، هو عدم ابطال الانتخاب الا اذا كانت المخالفات المدلى بها خطيرة وتشكل اعتداء على حرية الانتخابات ونزاهتها، واذا كان لهذه المخالفات تأثير حاسم في نتائجها، ويؤخذ عنصر الفارق في الأصوات كعنصر هام في تقرير ابطال او عدم ابطال الانتخاب، بحيث لا تؤدي هذه المخالفات، على أهميتها، الى الابطال اذا كان الفارق في الأصوات بين المرشح المنتخب ومنافسه كبيراً، كون هذا الفارق الكبير يعبّر عن ارادة الناخبين وانصرافها بوضوح جهة المرشح المنتخب، ويؤكد ان المخالفات لم تكن حاسمة في النتيجة.

وبما ان الفارق الكبير جداً في الأصوات بين الطاعن (53 صوتاً) والمطعون في صحة نيابته \78450\صوتاً، يجعل احتمال قبول الطعن ضئيلاً جداً لا بل معدوماً مع المخالفات غير المهمة وغير الثابتة وغير المؤثرة في نتيجة الانتخاب.

وبما انه يتبين من مجمل الوقائع ومكونات الملف، أنه لا يمكن الاستناد الى العناصر المدلى بها، وغير الثابتة للقول بتأثيرها على نتيجة الانتخاب، على الرغم من الفارق الكبير جداً في عدد الأصوات.

وبما انه يقتضي تأسيساً على ما تقدم رد الطعن في الأساس.

وبما انه لم يعد بالتالي من ضرورة لاستفاضة في تحقيق او اجراء او لبحث اي سبب مدلى به بصورة ثانوية وعارضة لعدم الجدوى.

لــــــــــــــهذه  الأســــــــــــــباب

وبعـد المداولـة

يقرر المجلس الدستوري بالإجماع

أولاً: في الشكل

قبول الطعن لوروده ضمن المهلة القانونية مستوفياً شروطه الشكلية.

ثانياً: في الأساس

رد الطعن المقدم من السيد رشيد الضاهر، المرشح الخاسر عن المقعد الماروني في دائرة عكار لدورة 2009 لانتخاب مجلس النواب.

ثالثاً: ابلاغ هذا القرار الى المراجع المختصة والمستدعي.

رابعاً: نشر هذا القرار في الجريدة الرسمية.

قـراراً صـدر في 25\11\2009.