قرار رقم 6\2014



القرار رقم 6\2014

تاريخ 6\8\2014

طلب ابطال القانون الصادر في 9\5\2014 والمنشور في ملحق العدد 27 من الجريدة الرسمية بتاريخ 26\6\2014: قانون الايجارات

المواد المسند اليها القرار

المواد 51، 56، و57 من الدستور

 

رقم المراجعة: 5\2014

المستدعون النواب السادة: عبد اللطيف الزين، أغوب بقرادونيان، قاسم هاشم، الوليد سكرية، زياد أسود، نديم الجميل، نواف الموسوي، بلال فرحات، ايلي ماروني، فادي الهبر.

القانون المطلوب وقف العمل فيه وابطاله: قانون الايجارات المنشور في ملحق العدد 27 من الجريدة الرسمية بتاريخ 26 حزيران 2014.

إن المجلس الدستوري،

الملتئم في مقره بتاريخ 6\8\2014 برئاسة رئيسه عصام سليمان وحضور نائب الرئيس طارق زياده والأعضاء: أحمد تقي الدين، انطوان مسره، انطوان خير، زغلول عطيه، توفيق سوبره، سهيل عبد الصمد، صلاح مخيبر ومحمد بسام مرتضى.

          وعملاً بالمادة 19 من الدستور،

          وبعد الاطلاع على ملف المراجعة وسائر المستندات المرفقة بها، وعلى تقرير العضو المقرر، المؤرخ في 21\7\2014،

          وبما ان السادة النواب المذكورة أسماؤهم أعلاه تقدموا بمراجعة سجلت في قلم المجلس الدستوري بتاريخ 11\7\2014، ترمي الى وقف العمل بقانون الايجارات، المنشور في ملحق العدد 27 من الجريدة الرسمية بتاريخ 26\6\2014، وابطاله.

          وبما ان السادة النواب الذين تقدموا بالمراجعة، أدلوا بالأسباب الآتية:

          أولاً:الأسباب المتعلقة بالنشر.

ألف: في طلب ابطال القانون في الشكل لمخالفته المواد 49 و50 و56 و57 و62 من الدستور والمادتين 14 و22 من قانون انشاء المجلس الدستوري رقم 250 تاريخ 14\7\1993 والمادة 37 من النظام الداخلي للمجلس الدستوري.

          تحت هذا السبب يدلي الطاعنون ان المجلس الدستوري، في قراره السابق في الموضوع عينه (اي القرار رقم 5\2014 تاريخ 13\6\2014) قد أبطل القانون ذاته موضوع الطعن الحالي، الأمر الذي يوجب احالة القانون مجدداً من قبل المجلس النيابي الى الحكومة ليتم مرور شهر مجدداً قبل نشره الحاصل مؤخراً،

          وأنه لا يجوز هذا النشر مجدداً لعدم وجود رئيس للجمهورية الذي هو صاحب الحق في اصدار القانون ورده.

          وان مجلس الوزراء الذي يمارس حاليا صلاحيات رئيس الجمهورية لم يناقش القانون المطعون فيه ولم يمارس الصلاحيات العائدة لرئيس الجمهورية بموجب المادتين 56 و57 من الدستور.

          بـاء:في طلب ابطال القانون لمخالفته أحكام المواد 56 و57 و62 من الدستور وهذا السبب يشكل استعادة وتكرارا كما ورد في السبب السابق ومفاده ان صلاحية اصدار القوانين هي صلاحية حصرية لرئيس الجمهورية واستطرادا تنتقل هذه الصلاحية الى مجلس الوزراء في حال خلو سدة الرئاسة.

          وتحت هذا العنوان يدلي الطاعنون انه من التدقيق في النص المنشور في الجريدة الرسمية يتبين ان مجلس الوزراء لم يمارس الصلاحيات المنوطة به وفقا لأحكام المادة 62 من الدستور بغية ايصال القانون المطعون فيه الى النشر.

          وانه لا يجوز لأي جهاز في الدولة الحلول محل رئيس الجمهورية أو محل مجلس الوزراء في حالة خلو سدة الرئاسة، من أجل احالة القانون للنشر، الأمر المخالف لأحكام المواد 56 و57 و62 من الدستور، وذلك بسبب اصدار القانون واعتباره نافذا دون توقيع رئيس الجمهورية أو على الأقل مجلس الوزراء عملاً بأحكام المادة 62 من الدستور، بمعنى انه تمت مخالفة الدستور لناحية الاصدار والنشر.

          ثانياً: في الأسباب التفصيلية لابطال القانون كما يدلي الطاعنون.

          يطلب مقدمو الطعن ابطال القانون المطعون فيه كليا بسبب مخالفته ميثاق العيش المشترك والحق في الحياة والسكن وعدم المساواة أمام القانون ومخالفة مبادئ العدالة الاجتماعية وذلك للفقرات ب-ج-ط-ي من مقدمة الدستور والمادة 7 منه، مدلين ان المصلحة العليا تبرر وجود قيود على حق الملكية الأمر الذي يوجب الاستمرار في قانون ايجارات استثنائي يحدد الايجارات كما هو معمول به في السابق ولغاية الحاضر. هذا في شكل عام، وقد تم ترداد هذه الأسباب تفصيلا في الطعن وبالنسبة لأكثرية مواد القانون.

          أما بشكل خاص فالأسباب هي مفصلة كما يأتي:

          أ-وجوب ابطال القانون المطعون فيه لمخالفته أحكام المادة 36 من الدستور معطوفة على المادة 75 من النظام الداخلي، ذلك ان هذا القانون لم يناقش في الهيئة العامة ويصوت عليه مادة مادة، بل تم اقراره بمادة وحيدة.

          ب-أما الأسباب الناشئة عن نص القانون والمدلى بها من الطاعنين، هي:

1-ان المادتين 1 و2 من القانون قد خالفتا مبدأ المساواة بسبب استثناء الفيلات وأملاك الدولة العمومية والبلديات من أحكامه.

2-ان المادة 3 وكذلك المادة 10 منه تخالفان مبدأ المساواة أمام القانون والعدالة الاجتماعية والمادة 7 من الدستور بسبب التمييز في الاستفادة من تقديمات الصندوق بحيث تشمل فئة من المواطنين دون غيرهم، على أساس دخلهم الشهري.

3-ويتكرر الطعن ذاته بسبب عدم استفادة المستأجر في ظل قانوني 29\67 و10\64 من الأبنية الفخمة من تقديمات الصندوق.

4-ابطال المادتين 5 و6 لعدم وجود ميزانية للصندوق مما يؤدي الى وقف تنفيذه بحق من يخضع لأحكام الاستفادة من تقديمات الصندوق، وينفذ بحق من لا يخضع لهذه الأحكام، الأمر الذي يخل بالمساواة ويشكل تمييزا بين المواطنين.

5-ابطال المادة 7 من القانون لمخالفتها أحكام المواد 7 و8 و20 من الدستور، لأن اللجنة الناظرة في تطبيق أحكام الزيادة على البدلات مؤلفة من أشخاص ليسوا قضاة، ولا صفة قضائية لهم عملا بأحكام الدستور.

كما ان جعل قرارات اللجنة نهائية نافذة على أصلها لا تقبل المراجعة هو أمر مخالف للدستور في أحكام المادة 20 منه التي ضمنت حقوق المتقاضين.

6-ابطال المادتين 8 و11 بسبب مخالفة مبدأ المساواة بحيث تقف مهل دفع الزيادة في البدلات بحق المستفيد من تقديمات الصندوق، وتسري بحق غيره من المواطنين.

وكذلك ابطال المادة 9 للسبب ذاته اي التمييز بين المواطنين في طريقة احتساب معدل الدخل الشهري.

7-ابطال المواد 14 الى 37 لمخالفة مبدأ المساواة في التمييز بين الايجارات في الأمكنة السكنية وتلك الأخرى في الأمكنة غير السكنية.

8-ابطال المواد 14 و15 و20 للأسباب ذاتها السابق ذكرها بالاضافة الى ان تحديد بدل المثل بنسبة 5% من القيمة البيعية للمأجور يخالف مبدأ العدالة الاجتماعية المنصوص عليه في مقدمة الدستور.

9-ابطال المادة 16 بسبب مخالفة مبدا المساواة، هذه المخالفة الناشئة عن اعطاء المستأجر المستفيد من الصندوق حق التمديد لايجاراته ثلاث سنوات اضافية، وحرمان سائر المستأجرين من هذا الحق.

وكذلك ابطال المادتين 17 و25 للسبب ذاته، اي التمييز بين فئات المستأجرين.

10-ابطال المواد 18 و19 و21 كون اللجنة المنصوص عليها في القانون، والتي تبت في النزاع حول بدل المثل، وهي لجنة غير دستورية كما ان قراراتها مخالفة للدستور من حيث عدم امكانية الطعن فيها.

11-ابطال المواد 22 و24 و25 و26 و32 و33 و55 و58 لمخالفتها مبدأ المساواة، ومخالفتها مبدأ عدم رجعية القانون ومخالفتها مبدأ الحقوق المكتسبة وذلك باخضاعها دعاوي الاسترداد المقامة قبل نفاذ القانون المطعون فيه لأحكامه.

12-ابطال المواد 23 و28 و30 لمخالفتها مبدأ المساواة بين المواطنين بسبب جعل الاسترداد في غير حالتي الضرورة العائلية والهدم رضائيا في حين كان سابقا يتم قضائيا.

13-ابطال المادتين 29 و31 للتناقض بين نص المادة 29 من القانون المطعون فيه والمادة 5 من قانون 160\92، ولمخالفتها مبدأ المساواة بين المواطنين.

ذلك ان المادة 29 نصت على الاستفادة من التمديد في حال وفاة المستأجر الأساسي لمن حل محله قبل تاريخ 23\7\1992 ان هذا النص يحرم أولاد المستأجر المتوفي بعد 23\7\1992 من الاستفادة من التمديد وفي ذلك مخالفة لمبدأ المساواة.

14-ابطال المادة 34 ذلك ان التغيير الفجائي في أحكام القانون يخالف مبدأ الثقة العامة بالقانون ويؤدي الى الاخلال بها كما يشكل غشا للمواطن واخلالا في الاستقامة في التشريع، وذلك باعتماده قواعد لم تكن موجودة سابقاً في اي قانون ايجارات على الاطلاق.

15-ابطال المواد 35 و36 و37 لمخالفة مبدأ المساواة والمادتين 7 و81 من الدستور، بحجة ان هذه المواد فرضت أعباء على المواطن لا يستطيع تحملها، في حين أقر القانون مساعدة لفئة من المستأجرين، ولأن المادة 81 من الدستور نصت على ان الضرائب تكون بموجب قانون شامل يطبق على الجميع.

16-ابطال المواد 38 الى 42 بسبب تمييز الأبنية غير السكنية عن تلك المؤجرة لغاية السكن بما يخل بمبدأ المساواة.

17-ابطال المواد 43 الى 53 التي أخضعت المستأجر في الأبنية السكنية الى موجبات اضافية مثل نفقات الترميم والزيادة في البدلات الفاحشة، في حين تساوي بين الفئتين في النفقات المشتركة.

18-ابطال المواد 56 الى 58 لمخالفة مبدأ المساواة والعدالة الاجتماعية، ذلك ان المادة 56 أعطت المستأجر المشمول بأحكام الفقرة (د) من المادة 7 من قانون انشاء المؤسسة العامة للاسكان أفضلية في الاشتراك بالنظام الخاص بالايجار التملكي، في حين ان لا مراسيم تنفيذية للعمل بهذا القانون، فضلا عن انه لا يشمل جميع المستأجرين القدامى.

19-ان القانون لم يلحظ تشريعا يغطي الفراغ قبل نفاذه، في حين انه لم يتم تمديد العمل بقانون الايجارات الاستثنائي.

وفي النتيجة خلص الطاعنون الى طلب وقف تنفيذ القانون المطعون فيه لحين صدور قرار في الأساس، ومن ثم ابطال القانون برمته في الشكل وفي الأساس للأسباب المعروضة سابقاً.

وبما ان المجلس كان قد تدارس طلب وقف العمل بالقانون المطعون فيه، المبين في المراجعة، وذلك في جلسته المنعقدة بتاريخ 25\7\2014، ولم ير سبباً للاستجابة الى هذا الطلب، وذلك لعدم الفائدة كون القانون المطعون فيه لا يعتبر نافذاً الا بعد ستة أشهر من تاريخ نشره، في حين يكون المجلس الدستوري قد بت في أساس الطعن قبل تاريخ النفاذ.

وبنــاءً على ما تقدّم

أولاً - في الشـكل:

          بما ان المراجعة المقدمة من عشرة نواب جاءت ضمن المهلة المحددة في الفقرة الأخيرة من المادة 19 من القانون رقم 250\1993 مستوفية جميع الشروط الشكلية، فهي مقبولة شكلاً.

ثانياً - في الأسـاس:

1- في طلب ابطال القانون بسبب مخالفة قواعد الاصدار والنشر.

          بما أن الاصدار هو الاثبات الرسمي لوجود القانون الذي أقره مجلس النواب، وذلك بتوقيع رئيس الجمهورية عليه، لوضعه موضع التنفيذ،

          وبما ان الاصدار، بموجب المادتين 51 و56 من الدستور، حق دستوري منحه الدستور لرئيس الجمهورية،

          وبما ان الدستور ميز بين الاصدار والنشر، فجاء في المادتين 51 و56 منه ما يأتي: «يصدر رئيس الجمهورية القوانين...ويطلب نشرها»،

          وبما ان النشر في الجريدة الرسمية هو الاعلان عن دخول القانون حيز التنفيذ، بعد اصداره،

          وبما ان الدستور، قبل تعديله في العام 1990، نص في المواد 51 و56 و57 على النشر، ولم يأتِ على ذكر الاصدار، وكان المقصود بالنشر الاصدار، لأن القاعدة الدستورية هي الاصدار وليس النشر الذي يأتي بعد الاصدار، وقد جاءت كلمة «نشـر» خطأً في ترجمة كلمة Promulgation أي الاصدار وليس publication اي النشر، وقد صحح هذا الخطأ ضمن التعديلات التي أدخلت الى الدستور في العام 1990،

          وبما ان الدستور منح رئيس الجمهورية في المادة 57 منه حقاً مطلقاً باعادة القانون الى مجلس النواب للنظر فيه ثانية، ضمن المهلة المحددة للإصدار، ولمرة واحدة،

          وبما ان رئيس الجمهورية لم يصدر القانون المطعون فيه، ولم يعده الى مجلس النواب، ضمن مهلة الشهر المحددة في الدستور،

          وبما ان القانون المطعون فيه أصبح نافذاً حكماً، بموجب الفقرة الأخيرة من المادة 57 من الدستور، بتاريخ 9\5\2014،

          وبما ان المجلس الدستوري، في قراره رقم 5\2014 تاريخ 13\6\2014، قرر ان القانون المطعون فيه لم يكن نافذاً بتاريخ نشره في الجريدة الرسمية في 8\5\2014، لأن المهلة لم تكن قد انقضت،

          وبما انه أعيد نشر القانون المطعون فيه في الجريدة الرسمية بتاريخ 26\6\2014،

          وبما انه في تاريخ النشر هذا كان القانون قد أصبح نافذا حكماً بموجب المادة 57 من الدستور،

          وبما ان العملية الدستورية في التشريع تبدأ بمشروع القانون واقتراح القانون وتنتهي باصدار القانون من قبل رئيس الجمهورية،

          وبما ان مهلة الشهر، التي حددها الدستور لرئيس الجمهورية لاصدار القوانين أو ردها الى مجلس النواب، قد انتهت بتاريخ 8\5\2014، وأصبح القانون المطعون فيه نافذاً حكماً، بموجب المادة 57 من الدستور، بتاريخ 9\5\2014،

          وبما انه لا يترتب على قرار المجلس الدستوري، رقم 5\2014 تاريخ 13\6\2014، اعادة اصدار القانون المطعون فيه، كونه أصبح نافذاً حكماً بعد انتهاء مهلة الشهر التي حددها الدستور لاصدار القانون أو رده الى مجلس النواب، ولم يعد ثمة حاجة لاصداره من رئيس الجمهورية، بل وجب نشره،

          وبما ان عبارة «وجب نشره»، الواردة في الفقرة الأخيرة من المادة 57 من الدستور، تعني حكماً انه لم يعد هناك حاجة لكي يطلب رئيس الجمهورية نشر القانون، كما هي في حالة اصداره عملاً بأحكام المادة 56 من الدستور،

          وبما ان نشر القانون، بموجب الفقرة الأخيرة من المادة 57 من الدستور، أمر وجوبي تتولاه السلطة المولجة بالنشر والمسؤولة عنه، وهي رئاسة مجلس الوزراء كون الجريدة الرسمية من الأجهزة التابعة لها،

          لذلك ينبغي رد الأسباب الواردة في الطعن لجهة اصدار القانون ونشره.

2- في طلب ابطال القانون بسبب التصويت عليه بمادة وحيدة.

          بما ان الدستور لم ينص في المادة 36 على الاقتراع على القوانين مادة مادة، انما نص على الطريقة التي يجري فيها الاقتراع على القوانين وعلى الثقة بالحكومة وعلى الانتخابات التي تجري داخل المجلس، بينما نص في المادة 83 على الاقتراع على الموازنة بنداً بنداً،

          وبما ان النظام الداخلي لمجلس النواب نص في المادة 81 على اجراء التصويت على مشاريع القوانين مادة مادة بطريقة رفع الأيدي. وبعد التصويت على المواد يطرح الموضوع بمجمله على التصويت بطريقة المناداة بالأسماء،

          وبما ان النظام الداخلي لمجلس النواب نص أيضاً في المادة 82 على التصويت على كل فقرة من فقرات المادة الواحدة على حدة، وفي هذه الحالة لا يعاد التصويت على المادة بمجملها،

          وبما ان القانون المطعون فيه تم اقراره في مجلس النواب بمادة وحيدة خلافاً لنص المادة 81 من النظام الداخلي لهذا المجلس،

          يكون القانون المطعون فيه قد خالف في اقراره النظام الداخلي ولم يخالف الدستور،

          وعليه يتوجب رد السبب المدلى به لهذه الجهة.

3- في طلب ابطال القانون بسبب تعارضه مع العدالة الاجتماعية والمساواة.

          بما ان مقاربة قانون الايجارات لناحية دستوريته تعني أوسع شريحة من المجتمع اللبناني، وترتبط بالسياسات العامة الاقتصادية والاجتماعية، وتطرح مبادئ جوهرية في النظرية الحقوقية،

          وبما ان القانون يواجه حدوداً في النظرية الحقوقية العامة في معالجة قضايا المجتمع جميعاً، لناحية فاعلية القانون effectivité du droit، اذا لم يترافق القانون مع سياسات عامة تطبيقية داعمة ومساندة،

          وبما ان لكل حق حدوده، وبالتالي يشمل التعسف أو التجاوز في استعمال الحق abus de droit كل حق دون استثناء، وحق التملك والسكن بشكل خاص، وما حصل طيلة أكثر من سبعين سنة هو تعسف مستمر في الحد من حق الملكية من خلال قوانين استثنائية متمادية التعرض لحرية التعاقد،

          وبما ان عقد الايجار يندرج في منظومة القانون الخاص ولا يجوز اسقاط مفاهيم القانون العام على عقود الايجار الا ضمن حدود الارتباط بالشأن العام في مجالات حصرية محددة،

          وبما ان ما يحد من حق الملكية هو المصلحة العامة التي تشمل حصراً، في ما يتعلق بالملكية: القواعد العقارية والهندسية في الفرز والضم والبناء، والاستملاك لقاء تعويض عادل ولصالح انشاءات عامة، وقواعد التنظيم المدني، والسلامة العامة، وحماية الإرث المعماري والثقافي، والتقيد بالأنظمة البلدية في الصيانة والترميم، وبالتالي ليس الحد من المبادئ التعاقدية العامة وحرية التعاقد والتوازن في النظرية العامة للعقد،

          وبما ان القانون المطعون بدستوريته يوفر مهلاً معقولة لتصحيح أوضاع الايجارات القديمة وينشئ آلية متدرجة في تسوية حقوقية لأوضاع متراكمة منذ أكثر من سبعين سنة،

          وبما ان القانون المطعون فيه يؤدي، في مهل قصوى، الى استعادة العمل بالقواعد العامة للتعاقد والنظرية العامة للعقد بالنسبة لكل الايجارات السكنية،

          وبما ان قوانين الايجارات الاستثنائية المتعاقبة في لبنان منذ حوالي سبعين سنة، تشكل حالة معبرة عن واقع غير سليم حول المعايير الحقوقية وهدفية القانون الناظم للعلاقات الاجتماعية، وضمانة وحماية لحقوق وتطبيقاً لقواعد الشرعات الدولية لحقوق الانسان،

          وبما ان خرق المبادئ العامة في التعاقد، في قضية حياتية يومية متعلقة بالملكية والسكن، هو مصدر نزاعات بين المواطنين ومصدر توتر في علاقات الجوار، وتشكل بالتالي مصدر تهديد بالعمق للسلام الاجتماعي، وتبرر تالياً الحاجة الى استعادة سلطة المعايير في المنظومة الحقوقية التعاقدية،

          وبما ان قانون ايجارات الأبنية السكنية القديمة هو قانون خاص spéciale أكثر مما هو استثنائي بسبب استمراريته بعد المباشرة به استثنائياً بعد الحرب العالمية الثانية بسبب النقص في الأماكن السكنية وانخفاض العرض مما يفسر اعتبار المستأجر حصراً وبالمطلق الضحية، ومعالجة قضية السكن على حساب المالك، والى تهرب المالكين من التأجير السكني وتوجههم نحو البناء بهدف البيع،

          وبما ان المبالغة في الحماية غالباً ما تنعكس سلباً على المستفيد منها،

          وبما ان التعاقد يتصف بعنصرين أساسيين: الأول ذاتي وهو اتفاق ارادتين أو أكثر، والثاني موضوعي وهو المنفعة والعدل، ويتفرع من العنصر الثاني موجب الأمان التشريعي sécurité juridique والتعاون، ومن غاية العدل فاعلية القانون.

          وبما ان الحق في سكن لائق استناداً الى الشرعات الدولية يفرض موجباً ليس على المالك، بل على السلطات العامة في اعتماد سياسات عامة اجتماعية واقتصادية في الإسكان والتنمية المتوازنة والنقل، وبخاصة في لبنان حيث يساهم نقل مشترك منتظم في تشجيع السكن في مختلف المناطق وتجنب ترييف المدينة ruralisation des villes، وتجنب الاضطراب في بنياتها السكنية ونسيجها الاجتماعي،

          وبما ان القانون المطعون فيه يتصف بطابع القانون البرنامج loi   programme اذ يتضمن عناصر متكاملة من خلال ارسائه قواعد حقوقية، وآليات تطبيق متعددة ومتدرجة زمنياً سعياً لمعالجة مسألة ليست محض قانونية بالمعنى الحصري، بل اقتصادية واجتماعية ومتراكمة زمنياً، وبالتالي سعياً للتوفيق بين حقوق متضاربة، ولذا من الضروري التحقق من دستوريته بمقاربة شمولية لعناصره المتعددة والمتكاملة وانطلاقاً من الاعتبار ان اي قانون في النظرية الحقوقية العامة يواجه، اساساً، حدوداً في قدرته على احاطته بالوقائع كافة،

          لكل هذه الأسباب فإن القانون المطعون فيه منسجم مع القواعد الدستورية لجهة استعادته مبادئ حق الملكية لصالح المالكين القدماء واستعادته المبادئ العامة لنظرية العقد،

          وبما ان الحق في السكن هو من الحقوق الدستورية الأساسية استناداً الى الشرعات الدولية واجتهادات دستورية مستقرة،

          وبما ان الدستور نص في الفقرة ج من مقدمته على ان لبنان جمهورية ديمقراطية برلمانية، تقوم على...العدالة الاجتماعية والمساواة في الحقوق والواجبات بين جميع اللبنانيين دون تمايز أو تفضيل،

          وبما ان الدستور نص أيضاً في الفقرة ز من المقدمة على ان الانماء المتوازن للمناطق ثقافياً واجتماعياً واقتصادياً ركن أساسي من أركان وحدة الدولة واستقرار النظام،

          وبما ان الديمقراطية لا تقتصر على الحقوق السياسية والمدنية انما يتطلب تحقيقها توافر الحقوق الاقتصادية والاجتماعية أيضاً للمواطنين،

          وبما ان الغاية من الانماء المتوازن للمناطق تحقيق العدالة الاجتماعية وتعميمها على جميع المواطنين، وتوفير شروط العيش الكريم لهم،

          وبما ان أهم مستلزمات العيش الكريم توفير المسكن،

          وبما ان العدالة الاجتماعية تقتضي العمل على ايجاد مسكن لائق لكل مواطن،

          وبما ان المسكن من أهم مستلزمات تأسيس الأسرة والحفاظ عليها،

          وبما ان الحق بتأسيس الأسرة والحق بالسكن هما من الحقوق التي نص عليها الاعلان العالمي لحقوق الانسان، الذي التزم به لبنان في مقدمة دستوره،

          وبما ان المسكن عامل ارتباط بالأرض وبالتالي بالوطن،

          وبما ان المسكن عامل استقرار نفسي واجتماعي وعامل أمان، وشرط أساسي لتحقيق الأمن الاجتماعي،

          وبما ان غاية الدستور تنظيم العلاقات في مجتمع الدولة بما يضمن العيش الكريم للمواطنين والاستقرار والأمن، وتوفير المسكن هو من مستلزماتها جميعاً،

          لذلك يعتبر توفير المسكن للمواطن هدف ذو قيمة دستورية ينبغي على السلطتين الاشتراعية والاجرائية رسم السياسات ووضع القوانين الآيلة الى تحقيق هذا الهدف وعدم الاكتفاء بوضع قانون ينظم العلاقة بين المؤجر والمستأجر،

          وبما ان تنظيم هذه العلاقة هو من صلاحيات السلطة الاشتراعية ويعود لها حق التقدير، وليس من صلاحيات القضاء الدستوري النظر في الملاءمة، غير انه من غير الجائز للمشترع ان يتجاوز الضمانات التي نص عليها الدستور، وتبقى القوانين خاضعة لرقابة القضاء الدستوري من أجل الحفاظ على هذه الضمانات،

          وبما ان على السلطة الاشتراعية التوفيق في التشريعات بين الحق بالملكية والحق بالسكن، وذلك من خلال عدالة متوازنة قد لا تخلو من ثغرات وشوائب في وسائلها وتطبيقاتها،

          وبما ان القانون المطعون فيه وضع بهدف تحقيق عدالة متوازنة،

          وبما ان اي تمييز تفضيلي لوضع مبالغ فيه يشكل خرقاً لمبدأ المساواة،

          وبما ان تباين الوضع بين المالك والمستأجر هو في طبيعته ووزنه يبرر التباين في المعاملة،

          وبما ان المساواة تعني ان لا تستفيد جماعة من منفعة مبالغ فيها، وان تتعرض جماعة أخرى لضرر مبالغ فيه من قانون عام،

          وبما ان مبدأ المساواة يشتمل على مبادئ خاصة في مجال محدد او في حال تمييز ايجابي بهدف تصحيح وضع اجتماعي وبخاصة ضمان المشاركة في الحياة العامة وليس في قضايا مرتبطة بحق الملكية وحق السكن،

          وبما ان القانون المطعون فيه يسعى الى معالجة متوازنة بين مصالح متناقضة وسلبيات متراكمة وأوضاع هي أساساً غير حقوقية وغير دستورية أحياناً، ما يوجب مقاربة دستورية متكاملة ومتوازنة وعقلانية،

          وبما ان القانون المتوازن بين مصالح متباينة قد يحد من حقوق دستورية ولكن لهدف رشيد وضروري انطلاقاً من قيم ومرجعيات ومن خلال مقاربة متوازنة،

          وبما ان التوازن بين مصالح متباينة يخضع لأربعة عناصر ضرورية في كل مقاربة متوازنة، وهي هدف مشروع وللصالح العام، تحقيق الغاية المرجوة أو على الأقل المساهمة في تحقيقها، الضرورة، والتوازن من ناحية الكلفة والمنافع،

          وبما ان التوازن بين المصالح يتطلب مقارنة المصالح بهدف استخلاص نتيجة معقولة والموازنة في كل قضية متنازع عليها، وتحديد فضائل كل قرار بالحق مع الأخذ بالاعتبار الظروف الخاصة في كل حالة،

          وبما ان كل توازن متلازم مع درجة مقبولة من التضحية، والتي هي، في حالات شائكة ومعقدة، وسيلة من وسائل تحقق مبادئ حقوق الانسان،

                   لذلك ينبغي رد الأسباب المدلى بها لجهة تعارض القانون المطعون فيه مع العدالة الاجتماعية والمساواة.

4- في طلب ابطال القانون بسبب تعارضه مع الأمان التشريعي والحقوق المكتسبة.

          بما ان الأمان التشريعي sécurité juridique لا يعني ثبات أوضاع قائمة، بل أخذ هذه الأوضاع بالاعتبار من خلال تشريع متدرج زمنياً يساهم في الانتقال الى وضع تشريعي أكثر انصافاً وانسجاماً مع القواعد التعاقدية العامة،

          وبما ان الأمان التشريعي لا ينشئ حقاً مكتسباً في ظل قوانين ايجار استثنائية،

          وبما ان الثقة المشروعة الملازمة لموجب الأمان التشريعي تفترض أساساً مشروعية ذات سند حقوقي عادل في العلاقة التعاقدية، وليس مجرد نصوص استثنائية متتالية تمديداً لعقود الايجارات القديمة،

          وبما ان العلاقة التعاقدية غير المتوازنة بين المالك والمستأجر قديماً، والتي استمرت طويلاً، لا تبرر الاعتداد بموجب الثقة المشروعة لأن طابعها غير المتوازن تعاقدياً يؤدي الى حالة تعسف في هذه الثقة،

            الأمان التشريعي لا ينطبق على الحالة الراهنة لأسباب ثلاثة على الأقل وهي الآتية:

          -يجب ان يكون الأمان التشريعي عاماً وليس لصالح طرف على حساب آخر، فيحصل أمان لصالح فئة على حساب الأمان لفئة أخرى،

          -يجب ان تتوافر فيه الشروط القانونية فلا ينبع من قوانين استثنائية، وان كانت مستمرة، هي بطبيعتها ظرفية،

          -يجب ان ترتكز الثقة المشروعة على الثقة التي هي في جوهرها علائقية فتكون مجردة من الاستغلال او الضرر، وأيضاً على المشروعية وليس مجرد القانونية،

          -الأمان التشريعي والثقة المشروعة تتطلبان من المستفيد منهما ان يمارس هو أيضاً الحكمة وتجاه احتمال حدوث التحول في التشريع،

          وبما ان العلاقة التعاقدية بين المالك والمستأجر القديم، اذا اتصفت بعدم التوازن وعدم الانصاف، فلا تنطبق عليها، بالرغم من استمراريتها مدة طويلة، مفاهيم الأمان والثقة والمشروعية، بل تسري عليها في ما يتعلق بالمستفيد شروط الاستدراك والتحسب للمتغيرات،

          وبما ان التحول في العقود السكنية القديمة ترافق مع توفير فترة زمنية، يستطيع خلالها المعنيون التكيف مع الوضع القانوني الجديد، ومع اعتماد معايير متدرجة زمنياً بشأن حساب البدل العادل في سبيل الانتقال الى مرحلة جديدة حيث تستعاد المعايير العامة في التعاقد والحرية التعاقدية بالنسبة لعقود الايجار القديمة،

          لذلك ينبغي رد الأسباب المدلى بها لجهة تعارض القانون المطعون فيه مع مبدأ الأمان التشريعي والحقوق المكتسبة.

5- في الطعن بدستورية اللجنة ذات الصفة القضائية.

          بما ان الصفة القضائية تتحدد بتشكيل الهيئة والشروط الواجب توافرها في أعضائها، وضماناتها، والقواعد المعمول بها في الفصل في النزاعات امامها،

          وبما ان القانون المطعون فيه قد أناط الفصل في النزاع، بشأن بدل المثل بلجنة مؤلفة، وفقاً للمادة 7 منه، من قاضٍ عامل او متقاعد رئيساً ومن اربعة أعضاء، يمثل أحدهم المالكين والثاني المستأجرين والثالث تنتدبه وزارة المالية والرابع تنتدبه وزارة الشؤون الاجتماعية، ويكون لهذه اللجنة الصفة القضائية،

          وبما انه من غير الجائز للمشترع منح الصفة القضائية للجنة ما، ما لم تتوافر فيها الشروط التي تؤدي الى منحها هذه الصفة، لناحية المعايير الواجب توافرها في أعضاء هذه اللجنة المخولة البت في نزاعات ذات طابع قضائي، ولناحية الاستقلالية الممنوحة لأعضاء اللجنة والحصانة المتوافرة لهم، للفصل في النزاع باستقلالية وحيادية وموضوعية ونزاهة، ولناحية تحديد الاجراءات المعتمدة في البت في النزاع واتخاذ القرار،

          وبما انه بوسع المشترع تأليف لجان مختلطة ادارية او فنية او تأديبية، ذات صفة قضائية للنظر في نزاعات او خصومات قضائية، واتخاذ تدابير ادارية او فنية او تأديبية، شريطة تأمين الضمانات للمتقاضين أو لمقدمي الطلبات اليها، وان تحدد بوضوح الأصول المعتمدة من قبلها في الفصل في النزاع، وان يكون بالامكان المراجعة ضد قراراتها ضماناً لتصحيح اي أخطاء مادية وقانونية قد تقع فيها، وكل ذلك استناداً الى المبادئ العامة الدستورية والتي أقرها أيضاً الاعلان العالمي لحقوق الانسان، في المادة الثامنة منه، وقد أصبح هذا الاعلان جزءً لا يتجزأ من الدستور،

          وبما انه يقتضي التدقيق في اللجنة ذات الصفة القضائية التي أنشاها القانون المطعون فيه في ضوء المعايير الدستورية السابق ذكرها،

          وبما ان اللجنة كما نصت عليها المادة 7 من القانون المطعون فيه لا تتوافر فيها شروط الصفة القضائية لناحية تشكيلها، سوى برئيسها، أما الأعضاء فلم ينص القانون على توافر اية مواصفات تخولهم الفصل في نزاع ذي طبيعة قضائية، وهو الخلاف على بدل المثل، وكان بإمكان المشترع تحديد مثل هذه المواصفات في القانون المطعون فيه،

          وبما ان القانون المطعون فيه لم ينص على ضمانات لأعضاء لجنة منحها الصفة القضائية، من بين أعضائها عضو تنتدبه وزارة المالية وعضو آخر تنتدبه وزارة الشؤون الاجتماعية، والعضو المنتدب لا يتمتع بالاستقلالية الكافية لعدم بيان مواصفاته، بينما من أوكل اليه الفصل في نزاعٍ قضائياً ينبغي ان يتمتع بالإستقلالية والضمانات اللازمة لهذه الاستقلالية،

          وبما ان القانون نص على تعيين عضوين في اللجنة، أحدهما يمثل المالكين والثاني المستأجرين،

          وبما ان الممثل ينبغي ان يعبّر عن ارادة من يمثله ليكون له صفة تمثيلية، والقانون المطعون فيه لم يعط أي دور للمالكين والمستأجرين في اختيار من يمثلهم في اللجنة. واذا كان من المنطقي ان يقترح وزير العدل اسم القاضي، وان يقترح كل من وزيري المالية والشؤون الاجتماعية اسم من ينتدبه لتمثيل وزارته، فانه من غير المنطقي ان يقترح وزراء أسماء من يمثل المالكين والمستأجرين دون تحديد المواصفات والشروط مع العلم ان نص المادة 7 من القانون المطعون فيه غامض لجهة من من الوزراء المنصوص عليهم يقترح أسماء من يمثل المالكين والمستأجرين في اللجنة،

          وبما ان الفصل في نزاعات ذات طابع قضائي يقتضي اعتماد اجراءات محددة، يجري التقيد بها في اتخاذ القرار، ولم يأتِ القانون المطعون فيه على ذكر اي اجراء في هذا المجال سوى اعتماد أصول المحاكمات المدنية لتبليغ المؤجر والمستأجر اشعاراً للمثول أمام اللجنة، ولم ينص على الأكثرية التي يستوجبها اتخاذ القرار،

          وبما ان سرعة البت في النزاع لا تبرر انشاء لجان تمنح الصفة القضائية، دون ان تتوافر فيها الشروط المطلوبة،

          وبما انه بالإمكان انشاء لجنة ذات صفة قضائية، تتوافر فيها الشروط لناحية تكوينها والاجراءات التي تعتمدها في اتخاذ قراراتها، تمنح مهلة قصيرة للفصل في النزاع والبت به سريعاً،

          وبما ان انشاء لجان تمنح الصفة القضائية، دون ان تتوافر فيها الشروط التي سبق ذكرها، يؤدي الى اهدار الحق بالتقاضي ويطيح بالضمانة للمتقاضين،

          وبما ان تمادي السلطة الاشتراعية في انشاء لجان تمنحها الصفة القضائية، دون التقيد بالشروط المطلوبة لذلك، وتعيين هذه اللجان من قبل السلطة الاجرائية، يشكل انتهاكاً لمبدا الفصل بين السلطات وتوازنها وتعاونها،

          وبما ان القانون المطعون فيه حصّن قرارات لجنة غير محصنة أساساً، بجعلها قرارات نهائية وغير قابلة لأي طريق من طرق المراجعة،

          وبما ان المقاضاة على أكثر من درجة هي ضمانة للمتنازعين يجنبهم الأخطاء في اصدار القرارات،

          وبما انه اذا جاز للمشترع حصر التقاضي بدرجة واحدة، نظراً لسلطته التقديرية، فإن قراره في هذا الشأن ينبغي ان يقوم على أسس موضوعية تمليها طبيعة النزاع، وخصائص الحقوق المثارة فيه، وان تكون الدرجة الواحدة محكمة أو هيئة ذات اختصاص قضائي متوفرة فيها الضمانات، ويبقى قراره خاضعاً لرقابة القضاء الدستوري،

          وبما ان اللجنة لا تتوافر فيها معايير الاختصاص القضائي، كما سبق وبينا، ومن غير الجائز اناطة الفصل في نزاع ذي طبيعة قضائية بها، واذا أجاز المشترع لنفسه ذلك خلافاً للقواعد الدستورية، فلا يجوز له جعل قراراتها غير قابلة لأي طريق من طرق المراجعة، ومنع المتقاضين من استنفاد، كافة الطرق والوسائل التي تضمن لهم حقوقهم.

          وبما ان اجتهاد القضاء الدستوري استقر بشأن اللجان ذات الصفة القضائية على ايجاد طرق مراجعة مناسبة لقراراتها، وهذا ما أقره المجلس الدستوري اللبناني في قراره رقم 5\2000 تاريخ 27\6\2000، عندما أبطل النصوص القانونية التي تحرم القضاة المحالين على المجلس التأديبي، وهو هيئة ذات صفة قضائية، من تقديم مراجعة بشأن القرارات الصادرة بحقهم، ما حدا بالمشترع الى وضع أصول مراجعة مناسبة بهذا الخصوص.

          لذلك تعتبر النصوص في القانون المطعون فيه والمتعلقة باللجنة، وتحديداً المواد 7 و13 و18 الفقرة ب-4 مخالفة للدستور.

لهذه الأسباب

وبعد المداولة،

يـقرر المجلس الدستوري بالأكثرية

أولاً - في الشكل:

 قبول المراجعة الواردة في المهلة القانونية مستوفية جميع الشروط الشكلية المطلوبة.

ثانياً - في الأساس:

1-   رد مراجعة الطعن لجهة الأسباب المدلى بها بشأن اصدار القانون ونشره واقراره بمادة وحيدة، ولجهة العدالة الاجتماعية والمساواة والأمان التشريعي والحقوق المكتسبة وحرية التعاقد.

2-   ابطال المواد 7 و13 والفقرة ب-4 من المادة  18 من القانون المطعون فيه.

ثالثاً: ابلاغ هذا القرار الى المراجع الرسمية المختصة ونشره في الجريدة الرسمية.

قرارا صدر في 6\8\2014.

 

مخالفة الأعضاء: محمد بسام مرتضى، أنطوان مسرة، صلاح مخيبر

 

في الوقت الذي نتفق فيه مع الأكثرية على رد أسباب الطعن الرامي إلى إبطال قانون الإيجارات الصادر في 8\5\2014، والمنشور في الجريدة الرسمية ملحق العدد \27\ تاريخ 26\6\2014، إلا أنّنا نختلف معها ونخالف القرار لجهة البند المتعلق بإبطال اللجنة والنصوص العائدة لإنشائها وإعطائها الصفة القضائية، وذلك وفقاً للمخالفة الآتية:

بما أنّه تجدر الإشارة ابتداءً إلى أنّ اللجنة المنشأة بموجب قانون الإيجارات المطعون بدستوريته هي كما نصت عليه صراحة المادة السابعة من القانون المذكور، لجنة ذات صفة قضائية، مؤلفة من قاضٍ عامل أو متقاعد رئيساً ومن أربعة أعضاء يمثل أحدهم المالكين والثاني المستأجرين والثالث تنتدبه وزارة المالية والرابع تنتدبه وزارة الشؤون الاجتماعية، تعمل وفق آلية وإجراءات قانونية رعتها مواد القانون المومأ إليه،

وتالياً: للجنة أماكن (مراكز) يحددها لها وزير العدل ويلحق بها كاتباً ومباشراً، وتعقد اجتماعاتها أثناء أو خارج الدوام الرسمي،

ومن نحو ثالث، نصت المادة الثامنة عشرة على عملية تحديد البدل المثل وآلية تحديده والاتفاق بشأنه رضاء وإلا، في حال التباين، عن طريق اللجنة التي تصدر قرارات نهائية وغير قابلة للمراجعة،

وبما أنّ الطاعنين يطلبون إبطال المادة 7 من القانون لمخالفتها المواد 7 و8 و20 من الدستور والاتفاقات الدولية، ويدلون بأنّ اللجنة المؤلفة بأغلبيتها من أشخاص ليسوا قضاة، لا تتسم، وفقاً للمادة 20 من الدستور، بالصفة القضائية، وتجافي المادة 20 المذكورة التي تنص على أنّ السلطة القضائية تتولاها المحاكم على اختلاف درجاتها واختصاصاتها،... ويتابع الطاعنون في الصفة 42 وجوب إبطال المواد 18 و19 و21 من القانون المطعون فيه، لعدم دستورية اللجان لمخالفة مبدأ التقاضي على درجتين المنصوص عليه في شرعة حقوق الإنسان والدستور اللبناني والحق في مراجعة السلطة القضائية وفقاً للمادة 20 من الدستور،

وبما أنّ معالجة الطعن في هذه الناحية، يستوجب البحث تبعاً في النقاط القانونية والدستورية التالية:

1- توصيف اللجنة،

2- مدى مخالفة إنشاء اللجنة وأعمالها وآلية عملها لنص المادة 20 من الدستور،

3- مدى سلطة المجلس الدستوري للتصدي لإنشاء اللجان من قبل السلطة التشريعية ولآلية عملها وقراراتها،

4- طبيعة قرارات اللجان،

أولاً - توصيف اللجنة:

بمقتضى المادة 7 من قانون الإيجارات المطعون فيه، تتألف اللجنة من قاضٍ عامل أو متقاعد رئيساً ومن أربعة أعضاء: يمثل أحدهم المالكين والثاني المستأجرين والاثنان الآخران تنتدبهما وزارتا المال والشؤون الاجتماعية، وهذا واضح كون العضوين الأولين هما أصحاب الشأن والمصلحة في العلاقة التأجيرية، والعضوين الآخرين يمثلان وزارتي المال والشؤون الاجتماعية لتعلقهما بالصندوق التمويلي التابع لوزارة المالية التي تموله وتمسك حساباته في مديرية الخزينة، ولتعلقهما بأحوال المجتمع وسياسته الإسكانية ونتيجة تطبيق القانون (يراجع المواد 3 و4 و5 و6 وما يليها من قانون الإيجارات المطعون فيه)،

وبما أنّه يتضح من المواد 8 وما يليها من القانون المطعون فيه، أنّه يعود للجنة التثبت بالوسائل التي تراها مناسبة مما إذا كان المستفيد من الصندوق التمويلي يستجمع الشروط المطلوبة، ولها استدعاء الفريقين للاستماع إليهما بموجب إشعار يبلغ إليهما وفقاً لأصول المحاكمات المدنية، وتصدر قرارها... وتبت في نتائج إجراءاتها بتحديد معدل الدخل العائلي الشهري للمستفيد،

وبما أنّه بمقتضى المادة 18 من القانون المطعون فيه، عند عدم الاتفقا رضاء على تحديد البدل العادل، يلجأ كل من المؤجر والمستأجر إلى اللجنة لتفصل في النزاع الناشئ عن الاختلاف، مرفقاً بطلبه نسخة عن التقريرين ومربوطاتهما بما في ذلك صور وثائق التبيلغ، وتصدر اللجنة قراراً معللاً نهائياً وغير قابل لأي طريق من طرق المراجعة،

وبما أنّه من المعلوم أنّ اللجنة الإدارية (كما حال اللجنة الحاضرة) تكون ذات صفة قضائية وإن لم يتولَّ رئاستها قاضٍ، لأنّ صفتها هذه لا تنشأ فقط من رئاستها القضائية، إنّما أيضاً من أوضاع أخرى مستمدة من كيفية تأليفها ومن طريقة عملها والأصول التي تخضع لها أعمالها وماهية قراراتها، بحيث تقوم أعمالها على الفصل في المنازعات الداخلة ضمن صلاحياتها،... وكان الفصل يستلزم اتباع أصول المحاكمات في عقد الجلسات ودعوة الفرقاء والاستماع إليهم وإجراء التحقيق وإصدار القرارات النافذة التي لا تخضع لمصادقة السلطة الإدارية المختصة، وتراجع النيابة العامة في حال وجود تزوير (المادة 12)

(يراجع قرار مجلس شورى الدولة اللبناني رقم 821 تاريخ 14\6\1966، رقم الدعوى 1001\62 المقدسي ضد الدولة اللبنانية، الرئيس عويدات والمستشاران نون وعبود)

وبما أنّه واضح أنّ اللجنة موضوع الطعن تستجمع كافة الشروط التي تجعلها إدارية ذات صفة قضائية، وبالتالي تختلف كلياً عما هو منصوص عليه في المادة 20 من الدستور،

وبما أنّه إلماماً بجميع نواحي القضية، تجدر الإشارة إلى هيئة التحقيق الخاصة بمكافحة تبييض الأموال وتمويل الإرهاب  الصادرة بالقانون رقم 318 تاريخ 20\4\2001 والمعدل بالقانون رقم 547 تاريخ 20\10\2003، وهي لجنة مستقلة ذات طابع قضائي وغير خاضعة في ممارسة أعملاها لسلطة مصرف لبنان بالرغم من أنّ رئيسها هو حاكم مصرف لبنان، وللهيئة جهاز خاص من المدققين لمراقبة تنفيذ الموجبات الملقاة على المصارف، ولا يمكن الاحتجاج بموجهها بالسرية المصرفية، وتتخذ هذه الهيئة قرارات مهمة كتجميد الحساب المشتبه به، وتجري تحقيقات وتصدر قراراً نهائياً... وتبلغ قرارها من النائب العام،

ثانياً - مدى مخالفة إنشاء اللجنة وأعمالها وآلية عملها لنص المادة 20 من الدستور:

بما أنّ الطاعنين يعيبون على اللجنة إلباسها الصفة القضائية خلافاً للدستور وإعطاءها حق بت النزاعات خلافاً للمادة 20 من الدستور التي تنيط السلطة القضائية بالمحاكم دون سواها، وكذلك إعطاءها حق إصدار قرارات نهائية لا تقبل أي طريق من طرق المراجعة (المادة 13 من القانون المطعون فيه)،

وبما أنّه أصبح ثابتاً في ضوء ما تقدم أنّ اللجنة هي لجنة إدارية ذات صفة قضائية، وتستوفي لذلك كافة الشروط التي تلبسها هذه الحلة، وهي بذلك ليست قضائية،

وبما أنّ المادة 20 من الدستور اللبناني التي جاءت في الباب الثاني المتعلق بالسلطات، تتكلم عن السلطة القضائية التي تتولاها المحاكم ضمن نظام ينص عليه القانون ويحفظ بموجبه للقضاة والمتقاضين الضمانات اللازمة...،

وبما أنّه من الواجب القول أنّ البون شاسع بين المحاكم واختصاصاتها وقضاتها، وبين اللجان الإدارية ذات الصفة القضائية التي تقوم بالأعمال المنوطة بها وتفصل في النزاعات الداخلة ضمن اختصاصها وصلاحياتها، ويتضح لذلك أنّه لا تضارب بين مضمون المادة 20 من الدستور وبين إنشاء اللجنة وعملها وصلاحياتها، والفرق ساطع بين السلطة القضائية المنصوص عليها في الدستور وبين الصفة القضائية للجنة إدارية أعطاها المشترع بسلطته التقديرية حق بت نزاعات تنشأ عن العلاقة التأجيرية،

وفي الخلاصة، إنّ عمل المحاكم يختلف كلياً عن عمل اللجان،

ثالثاً - مدى توافر السلطة للمجلس الدستوري للتصدي لإنشاء اللجان من قبل السلطة التشريعية ولآلية عملها وقراراتها:

إنّ إنشاء اللجان في قانون الإيجارات، كما كان دائماً منذ عقود كثيرة من الزمن، (مجالس العمل التحكيمية، لجان الاستملاك، اللجان التحكيمية في المرسوم الاشتراعي رقم 7\77، لجان الضمان، وغيرها من الهيئات المختلطة ذات الصفة القضائية) يتم بموجب السلطة التقديرية للمجلس النيابي ولا يسوغ المجلس الدستوري تخطي حدود اختصاصه (وهو هيئة دستورية مستقلة ذات صفة قضائية) التي تقف عند مراقبة أعمال اللجان لناحية ائتلافها مع نصوص الدستور لتأمين حقوق الدفاع للمتقاضين وحق التقاضي والضمانات المطلوبة للقضاة والمتقاضين، والحيلولة دون المساس بجوهر الحقوق،

فالرقابة الدستورية تتجلى عند تعارض النص القانوني والنص الدستوري، ومجرد الكلام عن السلطة القضائية في المادة 20 من الدستور ليس كافياً لإعطاء المجلس الدستوري حق التصدي للسلطة التشريعية وبالتالي اعتبار اللجان باطلة،

وبما أنّه استفاضة في البحث، إنّ عدم الإشارة إلى رتبة القاضي رئيس اللجنة وإلى أسماء المندوبين ورتبتهما وإلى إسميّ ممثلي المالكين والمستأجرين، لا ينال من صحة إنشاء الجنة، لأنّ القانون أخرجها إلى حيّز الوجود وهكذا تمّ إنشاؤها، أمّا التفاصيل التي لا ترقى إلى القيمة الدستورية، فيتولى أمرها المرسوم الذي يصدر بعد شهرين من تاريخ نفاذ القانون (المادة 7 من القانون المطعون فيه)، ويُسقط على الرئيس والأعضاء الأسماء والدرجات،

أمّا القول بتعدي السلطة الإجرائية على السلطة القضائية بمجرد وجود مندوب عن وزارة المالية وآخر عن وزارة الشؤون الاجتماعية، فلا نرى التوقف عنده لأنّ الصندوق التمويلي هو تابع لوزارة المال التي تمسك حساباته (المادة 3) وتساهم كثيراً في تمويله
(المادة 5) وتساهم في دفع الفرق بين بدل الإيجار وبدل المثل... وبذلك يصبح من حقها وجوباً المراقبة، بالإضافة إلى أنّ وجود موظفين في اللجنة لا يؤدي إلى التعرض لمبدأ الفصل بين السلطات، ولأنّ المادة 17 من الدستور تنيط السلطة الإجرائية بمجلس الوزراء،

وبما أنّه ينبني على ما تقدم:

1- لا انتهاك لمبدأ دستوري من قبل مجلس النواب صاجب السلطة التقديرية في تعيين اللجان وتحديد أعمالها وصلاحياتها،

2- توصيف اللجان لا يمس بمبدأ افصل بين السلطات،

3- لا مخالفة لنص المادة 20 من الدستور، إذ لا سلطة للقضاء في تعيين القاضي رئيساً للجنة، ولا سلطة له على مراقبة أعماله وممارسة سلطاته،

4- قرارات اللجنة نافذة ولا تخضع لمصادقة السلطة الإدارية أو سواها،

رابعاً - في طبيعة قرارات اللجان:  

إنّ قرارات اللجان نهائية ولا تقبل أي طريق من طرق المراجعة،

وبما أنّ المادة 20 من الدستور لم تنص على التقاضي على درجات، وإن نصت على الضمانة اللازمة للقضاة والمتقاضين، كما أنّ المادة المذكورة تنص على سلطة المحاكم وأعمالها وليس على سلطة لجان إدارية مختلطة ذات طابع قضائي،

وبما أنّ اللجان الواردة في قانون الإيجارات المطعون فيه ينحصر اختصاصها بحسب المادة 7 من هذا القانون بالراقبة والحساب، فهي تدقق بالطلب المقدم إليها من المستفيد أو من أعضاء فريقه وبالمستندات التي تبيّن الأجر أو الراتب أو المدخول وما إذا كانوا يستوفون الشروط التي تخولهم الاستفادة من مساعدة الصندوق التمويلي، "ويبلغ رئيس اللجنة القرار إلى دائرة المالية لتدفع للمؤجر المساهمة المستحقة"،

أمّا المادة 18 من القانون عينه فتتعلق بتحديد البدل المثل، واختصاصها يظهر جلياً كأنّها مرجع طعن بتقريري الخبيرين المقيدين في الجدول- وفي حال اختلافهما - يلجأ الفريقان إلى اللجنة في المحافظة التابع لها المأجور وذلك للفصل في النزاع المحصور في الاختلاف بين مضمون التقريرين، فمهمة اللجنة بما هو وارد ومدوّن في التقريرين لجهة بدل الإيجار على قاعدة بدل المثل، ولا مهمة أخرى لها، وبالتالي لا تبت بمنازعة في الأساس ولا تتدخل في تعيين الخبراء وتحديد مهامهم، بل تفصل في النزاعات الداخلة ضمن اختصاصها،

وبما أنّه من نحو ثانٍ، إنّ المشترع، في مجال إنفاذ حق التقاضي، غير مقيّد دستورياً بأشكال إجرائية محددة، وبالتالي غير مقيّد في أن تُنظر نزاعات المواطنين في أكثر من مراجعة واحدة من درجات التقاضي، فالتقاضي على درجة واحدة جائز دستورياً كلما استدعت الخصومة واقتضت السرعة في إنهاء صور من المنازعات بالنظر إلى طبيعتها،

وبما أنّه من نحو ثالث، معلوم وثابت من كافة قوانين الإيجارات الاستثنائية، أنّه يُنظر في قضايا الإيجارات على الطريقة المستعجلة، كما أنّ التعامل في القانون المطعون فيه يتطلب الاستعجال، فمثلاً جاء في المادة 18 منه أنّ تقديم المستأجر طلب الاستحصال على مساهمة من الصندوق يؤدي إلى تعليق مهلة دفع الزيادة على بدل الإيجار إلى حين نفاذ قرار اللجنة بالموافقة على المساهمة أو بعدمها، وعلى الجنة إصدار القرار في مهلة أقصاها شهران من تاريخ تقديم الطلب، مما يوجب السرعة لعدم حرمان المالك من بدل الإيجار...،

وبما أنّه من نحو رابع، إنّ إخضاع قرار اللجنة للطعن يفقد العملية طابعها المستعجل ويؤخر تنفيذ القانون، خاصة وأنّ الطلبات التي سترد إلى اللجان ستكون بأعداد كبيرة جداً، علماً بأنّ الدستور اللبناني قد خلا من أي نص يجعل الخصومة على أكثر من درجة واحدة، لأنّ حرصه (المادة 20) منصب على محاكمة منصفة وعادلة يؤمنها قضاة مستقلون ضمن نظام يحفظ لهم وللمتقاضين الضمانات اللازمة،

وبما أنّه في ضوء طبيعة اللجان ومهامها وحدودها، وفي ظل السرعة في بت المنازعات وطابعها المستعجل، وبالنظر إلى استقلالية المشترع في تقدير درجات التقاضي، وبما أنّ الضمانات متوافرة كلياً للجنة وأعضائها وللمتقاضي الذين هم مؤجر ومستأجر، فإنّه يقتضي إعطاء اللجان الحق في إصدار قرارات نهائية وغير قابلة للمراجعة، وبالتالي رد الطعن لهذه الجهة واعتبار القانون المطعون فيه، بكافة عناصره، غير مخالف للدستور.

مخالفون

محمد بسام مرتضى

انطوان مسرّه

صلاح مخيبر