قرار رقم 1\2000



قرار رقم 1\2000

تاريخ 1\2\2000

طلب ابطال القانون رقم 163 الصادر بتاريخ 28\12\1999:

نقل الملحقين الاغترابيين من ملاك وزارة المغتربين الى ملاك وزارة الخارجية

المواد المسند اليها القرار

 

الفقرتان (ج) و (ه) من مقدمة الدستور

المواد 7، 12، 16، 17 و65 (البند 3) من الدستور

 

رقم المراجعة: 1\2000

المستدعون: النواب السادة: حسين الحسيني، فارس بويز، وليد جنبلاط، مروان حمادة، الياس سكاف، بيار دكاش، نجاح واكيم، نديم سالم، جميل الشماس، نهاد سعيد، وديع عقل.

القانون المطلوب ابطاله: القانون رقم 163 الصادر بتاريخ 28 كانون الاول 1999، والمنشور في العدد 1 تاريخ 6\1\2000 من الجريدة الرسمية.

إن المجلس الدستوري،

الملتئم في مقره بتاريخ 1\2\2000 بحضور الرئيس امين نصار ونائب الرئيس مصطفى العوجي، والاعضاء: كامل ريدان، ميشال تركية، انطوان خير، خالد قباني، حسين حمدان، فوزي ابو مراد، سليم جريصاتي.

          بعد الاطلاع على ملف المراجعة وعلى تقرير العضو المقرر المؤرخ في 26\1\2000.

          بما ان النواب المذكورين اعلاه، تقدموا من المجلس الدستوري بمراجعة سجلت في قلم المجلس بتاريخ 19\1\2000، يطلبون فيها ابطال القانون رقم 163 الصادر بتاريخ 28\12\1999 والمنشور في العدد 1 تاريخ 6\1\2000 من الجريدة الرسمية، والذي يرمي الى نقل الملحقين الاغترابيين من ملاك وزارة المغتربين الى ملاك وزارة الخارجية.

          وبما ان المستدعين يؤسسون طلبهم بابطال القانون المذكور على الاسباب الآتية:

1- اخلاله بقاعدة التوازن في الاعباء وخرقه لمبدأ المساواة المنصوص عنه في الفقرة "ج" من مقدمة الدستور ومبدأ المساواة في الوظيفة العامة المنصوص عنه في المادة 12 من الدستور.

          ويدلي المستدعون تحت هذا السبب بأن شروط الدخول الى السلك الخارجي في ملاك وزارة الخارجية هي اثقل عبئاً من شروط دخول الملحقين الاغترابيين الى ملاك وزارة المغتربين. فشروط الدخول الى السلك  الخارجي كما هي مبينة في المادة 12 من المرسوم رقم 1306 تاريخ 18\6\1971 تفرض ان يؤخذ الموظفون من بين خريجي قسم الادارة العامة من الدرجة العليا في المعهد الوطني للادارة والانماء، وان لا يتجاوز عمر المرشح منهم الخامسة والثلاثين من العمر، وان يجتاز بنجاح امتحانا خاصا ينظمه مجلس الخدمة المدنية بالاشتراك مع وزارة الخارجية والمغتربين، تقضي شروطه كحد ادنى معرفة القانون الدولي العام ولغة اجنبية واحدة على الاقل، واذا كان عدد الناجحين في هذا الامتحان لا يكفي لملء المراكز الشاغرة في ملاك الوزارة نظمت مباراة خاصة لملء هذه المراكز وفقا لنظام يضعه مجلس الخدمة المدنية، بالاشتراك مع وزارة الخارجية والمغتربين، على ان يكون المرشح من حملة الإجازة في الحقوق على الأقل أو من حملة شهادة جامعية معادلة لها. في حين ان شروط دخول الملحقين الاغترابيين الى ملاك وزارة المغتربين اقتصرت على مقابلة شفهية نظمتها وزارة المغتربين، مما يعطي هؤلاء ميزة وتفضيلا على موظفي السلك الخارجي الذين دخلوا سابقا الى وزارة الخارجية، كما يشكل دخولهم الى ملاك السلك الخارجي بموجب القانون المطعون فيه انتهاكاً لحقوق مكتسبة لموظفي هذا السلك الذين سيتأخر تدرجهم وتصنيفهم  بسبب تقدم الملحقين الاغترابيين عليهم بسلم الوظيفة بعد ان يتم احتساب خدماتهم السابقة في وزارة المغتربين، وهو ما يؤدي الى الاخلال بمبدأ المساواة ويشكل بالتالي خرقاً لاحكام الدستور.

2- خرقه لمبدأ الفصل بين السلطات المنصوص عليه في الفقرة "ه" من مقدمة الدستور التي تنص على ان " النظام قائم على مبدأ الفصل بين السلطات وتوازنها وتعاونها" وذلك لان المادة 65 من الدستور تنيط في فقرتها الثالثة امر تعيين موظفي الدولة وصرفهم وقبول استقالتهم بمجلس الوزراء وفقا للقانون، ويترتب على ذلك ان صلاحية نقل الموظفين من وزارة الى اخرى تعود الى السلطة التنفيذية دون سواها، وباناطة القانون 163\99، هذه الصلاحية بالسلطة التشريعية، يكون قد خرق مبدأ الفصل بين السلطات المنصوص عليه في الدستور.

 

بناء على ما تقدم،

اولا: في الشكل:

          بما ان المراجعة قد وردت ضمن المهلة ومستوفية جميع الشروط القانونية فتكون مقبولة شكلاً.

ثانيا: في الاساس:

          بما ان القانون رقم 163 تاريخ 28\12\1999، المطعون فيه، يتكون من مادة وحيدة تنص على ما يأتي:

"ينقل الملحقون الاغترابيون من ملاك وزارة المغتربين الى السلك الخارجي في ملاك وزارة الخارجية دون تعديل في الرتبة والراتب، مع احتفاظهم بحقهم في الاقدمية المؤهلة للتدرج.

يخضع هؤلاء الملحقون الى دورة تدريبية لمدة ستة اشهر يعدها مجلس الخدمة المدنية لهذه الغاية."

          وبما ان المستدعين يطلبون ابطال هذا القانون لمخالفته احكام الدستور، لجهة خرقه لمبدأ المساواة امام القانون ولجهة خرقه مبدأ الفصل بين السلطات.

1- فيما يتعلق بخرق مبدأ المساواة امام القانون:

          بما ان الفقرة "ج" من مقدمة الدستور تنص على ما يأتي:

"لبنان جمهورية ديموقراطية برلمانية، تقوم على احترام الحريات العامة، وفي طليعتها حرية الرأي والمعتقد، وعلى العدالة الاجتماعية والمساواة في الحقوق والواجبات بين جميع المواطنين دون تمايز او تفضيل."

          وبما ان المادة السابعة من الدستور تساوي بدورها بين اللبنانيين امام القانون سواء في التمتع بالحقوق ام في تحمل الفرائض والواجبات العامة،

وبما ان المادة 12 من الدستور تقرر مبدأ مساواة اللبنانيين امام الوظائف العامة بنصها:

"لكل لبناني الحق في تولي الوظائف العامة لا ميزة لاحد على الآخر الا من حيث الاستحقاق والجدارة حسب الشروط التي ينص عليها القانون."

          وبما ان مبدأ المساواة امام القانون هو من المبادئ العامة ذات القيمة الدستورية، ومؤداه ان يكون القانون واحدا في معاملته للجميع دون ما فرق او تمييز، الا انه يبقى بوسع المشترع ان يخرج عن هذا المبدأ ويميز في المعاملة بين المواطنين اذا وجد هؤلاء في اوضاع قانونية مختلفة او اذا اقتضت المصلحة العامة ذلك، شرط ان يكون هذا التمييز في المعاملة متوافقا مع غاية القانون.

          وبما انه في حقل الوظيفة العامة، لا يوجد موجب دستوري على المشترع باعتماد قاعدة عامة او طريقة واحدة لاختيار جميع فئات الموظفين، الا ان مبدأ المساواة في تولي الوظائف العامة يلزم المشترع بعدم التمييز بين المرشحين للوظيفة العامة على اساس الجنس او العرق او اللون او المنزلة الاجتماعية وبالتالي، بمراعاة الكفاءة والجدارة والصفات العلمية والخلقية في اختيار الموظفين.

          وبما ان مبدأ المساواة في التعيين في الوظيفة العامة، لا يكمن في مدى ودرجة صعوبة او عدم صعوبة الاختبار الذي يخضع له المرشحون للوظيفة العامة، ممن يستوفون شروط التعيين، بين مجموعة ومجموعة اخرى، بل يكمن هذا المعيار في مراعاة مبدأ الكفاءة والجدارة والاختصاص، الذي يتمتع وحده، دون الطرق المعتمدة في اختيار الموظفين للوظيفة العامة، كالمباراة او الامتحان، او على اساس الالقاب، بالقيمة الدستورية.

          وبما ان للمشترع، اذن، ان يفرض ما يراه مناسبا من شروط لملء المراكز في ملاكات الادارات العامة بالاستناد الى المؤهلات المطلوبة للقيام بالوظيفة ويبقى له تعديل هذه الشروط اضافة او الغاء، كما له الغاء فئات في الوظيفة العامة او ضم فئات لبعضها او دمج ملاكات في ملاكات اخرى وفقاً لمتطلبات المصلحة العامة والأداء الوظيفي.

          وبما ان الموظف هو في وضع قانوني ونظامي، وهذا الوضع يبقى معرضاً للتعديل او التغيير في أي وقت، وهو يخضع  بالتالي للاحكام القانونية والتنظيمية اللاحقة، دون ان يكون له الادلاء بحق مكتسب في الاستفادة من الاحكام السابقة، واذا كان للدولة الحق في زيادة الحقوق والمزايا التي يتمتع بها الموظف، فان لها بالمقدار نفسه الحق بزيادة موجباته واعبائه، دون ان يكون للموظف الادعاء بحق مكتسب، طالما ان المصلحة العامة وحاجات الوظيفة تتطلب ذلك.

          وبما ان وزارة المغتربين قد احدثت بموجب القانون رقم 213 تاريخ 2 نيسان 1993، بعد ان كانت جزءاً من وزارة الخارجية، وان المادة السادسة من هذا القانون قد لحظت وجود ملحقين لشؤون الاغتراب تسميهم الوزارة للعمل في البعثات الديبلوماسية في دول الاغتراب، على ان يكون تعيينهم وفق الاحكام التي ترعى الملحقين الفنيين في الخارج الواردة في نظام وزارة الخارجية وقد حدد ملاك الوزارة عدد وظائف الملحقين الاغترابيين، بمقتضى المرسوم التنظيمي رقم 4859 تاريخ 10\3\1994.

          وبما انه يتبين من الاسباب الموجبة للقانون 163\99، ان الملحقين الاغترابيين لم يتم الحاقهم بالبعثات الديبلوماسية في الخارج، وانه قد جرى الغاء الاعتمادات المخصصة لرواتبهم في الخارج في مشروع موازنة 1999، وان لدى الحكومة توجها بالغاء وزارة المغتربين واعادة دمجها في وزارة الخارجية.

          وبما ان خرق مبدأ المساواة في المعاملة بين الموظفين يكون متوافراً، عندما يقيم القانون تمييزاً لا يمكن تبريره بسبب معقول، بالنظر للحالة الواقعية التي يعالجها المشترع، وبالتالي عندما يكون السبب معقولاً فيكون التمييز في المعاملة مبرراً.

          وبما ان نقل الملحقين الاغترابيين من ملاك وزارة المغتربين الى ملاك السلك الخارجي في وزارة الخارجية، وهو الملاك  الاقرب قانوناً وطبيعياً الى هذا الملاك، خاصة وان هؤلاء الملحقين قد عينوا اصلا لكي يلتحقوا في البعثات الديبلوماسية في الخارج، ويفترض انه قد تمت تهيئتهم لهذا الغرض، فيكون نقلهم اذن الى ملاك السلك الديبلوماسي في وزارة الخارجية مسندا الى سبب معقول، ولا يخل، بالتالي، بمبدأ المساواة.

          وبما ان القانون رقم 163\99 الذي يقضي بنقل الملحقين الاغترابيين قد اشترط ان يتم ذلك، دون ان يلحق بهم اي تعديل في الرتبة والراتب، واخضعهم الى دورة تدريبية لمدة ستة اشهر يعدها مجلس الخدمة المدنية لهذه الغاية، مما ينتفي معه خرق مبدأ التوازن في الاعباء.

2- فيما يتعلق بخرق مبدأ الفصل بين السلطات:

          بما ان الفقرة "ه" من مقدمة الدستور تنص على ما يأتي:

"النظام قائم على مبدأ الفصل بين السلطات وتوازنها وتعاونها."

          بما ان مبدأ الفصل بين السلطات يقضي بأن تمارس كل سلطة صلاحياتها في الميدان الذي اوكله اليها الدستور، بحيث لا تتجاوز سلطة دستورية على صلاحيات سلطة اخرى، وبحيث تلتزم كل سلطة حدود اختصاصها الذي حدده الدستور.

          وبما ان المادة 16 من الدستور قد نصت على ما يأتي:

"تتولى السلطة المشترعة هيئة واحدة هي مجلس النواب."

          وبما ان الدستور قد حصر بمجلس النواب وحده سلطة الاشتراع، واناط به صلاحيات شاملة على صعيد التشريع، ولم يرسم حدودا لصلاحياته، او يحصره في اطار محدد او في دائرة مغلقة، كما لم يضع حدودا فاصلة بين دائرة القانون ودائرة النظام.

          وبما ان الدستور قد اناط السلطة الاجرائية بمجلس الوزراء (المادة 17، والمادة 65) وما يستتبعها من سلطة تنظيمية تولي مجلس الوزراء صلاحية تطبيق القوانين التي يسنها المشترع واكمالها عند الاقتضاء.

          وبما انه كانت المادة 65 من الدستور قد اعطت لمجلس الوزراء صلاحية "تعيين موظفي الدولة وصرفهم وقبول استقالتهم وفق القانون (البند 3) فهذا يعني ان ممارسة هذه الصلاحية من قبل السلطة التنفيذية مقيدة بالقانون، اي بالقواعد التي يعين القانون شروط ممارسة هذه الصلاحية وحدودها وكيفياتها.

          وبما انه يعود للمشترع، بمقتضى صلاحياته الدستورية، ان يلغي قانونا نافذا او ان يعدل احكام هذا القانون دون ان يشكل ذلك مخالفة لاحكام الدستور، او يقع هذا الامر تحت رقابة المجلس الدستوري، طالما ان هذا الالغاء او التعديل لم يمس قاعدة دستورية اساسية او حقا من الحقوق الدستورية الاساسية او مبدأ من المبادئ ذات القيمة الدستورية.

          وبما ان القانون رقم 163\99، بتسوية اوضاع الملحقين الاغترابيين في وزارة المغتربين عن طريق اقرار قاعدة نقلهم الى ملاك السلك الخارجي في وزارة الخارجية، بقي في حدود صلاحياته الدستورية، ولم يتجاوز ذلك الى ما يقتضيه تنفيذ هذا القانون من اجراءات تنظيمية او قرارات تنفيذية، تطبيقا لهذا القانون، يعود امر اتخاذها لسلطة التنفيذية، باعتبارها صاحبة الاختصاص في تنفيذ القوانين.

          وبما ان القول بمخالفة المشترع للفقرة "ه" من مقدمة الدستور او للمادة 65 (البند 3) من الدستور، وبالتالي لمبدأ الفصل بين السلطات يكون في غير محله.

          وبما ان القانون رقم 163\99 المطعون فيه يكون اذن غير مخالف لاحكام الدستور.

لـذلك

يقرر المجلس:

اولا: قبول المراجعة شكلا.

ثانيا: رد المراجعة في الاساس لعدم مخالفة القانون 163\99 للدستور.

ثالثا: ابلاغ هذا القرار الى المراجع المختصة ونشره في الجريدة الرسمية.

قررا صدر في الاول من شهر شباط سنة 2000.